كتاب التبصرة للخمي (اسم الجزء: 5)

باب في صيام المظاهر ومن لا يتابع صومه اختيارًا أو لمرض أو نسيان
الصوم عن الظهار شهران متتابعان حسب ما ذكر الله سبحانه (¬1) في كتابه، فمن أتى به متفرقًا متعمدًا لم يجزئه، وإن كانت التفرقة عن مرض أجزأه.
واختلف إذا كانت عن نسيان أو خطأ في العدد أو جهل بالحكم فقال في كتاب محمد في النسيان: لا يجزئه.
وعلى هذا لا يجزئه إن كانت التفرقة عن جهل، وقال مالك في المدونة فيمن صام ذا القعدة وذا الحجة جاهلًا يظن أنه يجزئه، قال: يجزئه (¬2)، وعلى هذا يجزئ الناسي، ومن أخطأ العدد فداخل في الناسي.
وقال محمد بن عبد الحكم: المرض والنسيان سواء يجزئه. قال: لأنَّ كل ذلك من أمر الله تعالى، لا يستطيع العبد دفعه، وهو أبين، لقول النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "حُمِلَ عَنْ أُمَّتِي الخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اسْتكْرِهُوا عَلَيْهِ" (¬3).
فسوَّى بين النسيان والاستكراه، والاستكراه لا يسقط التتابع، وكذلك النسيان، وقياسًا على الصلاة أنه لا خلاف أن الواجب أن يأتي بها متتابعة، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّه سلَّم من صلاته (¬4) من ركعتين، ثم قام إلى خشبةٍ
¬__________
(¬1) قوله: (ذكر الله سبحانه) يقابله في (ق 10): (ورد في القرآن).
(¬2) انظر: المدونة: 2/ 330.
(¬3) صحيح، أخرجه ابن ماجه في سننه: 1/ 659، في باب طلاق المكره والناسي، من كتاب الطلاق، برقم (2045)، وابن حبان: 16/ 202، في باب فضل الأمة، من كتاب إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن مناقب الصحابة في صحيحه، برقم (7219).
(¬4) قوله: (من صلاته) زيادة في (ح).

الصفحة 2341