كتاب التبصرة للخمي (اسم الجزء: 1)

واختلف في الوقت الذي يؤذن لها فيه، فقال ابن حبيب: إذا أذن بعد خروج وقت العشاء، وهو شطر الليل - فواسع.
وقال ابن وهب: سدس الليل الآخر. وهو أحسن؛ لأن الأذان قبل طلوع الفجر ليتهيأ للصلاة، وليصلي من له حزب، وإذا (¬1) كانت عادة المؤذن سدس الليل قام الناس لأذانه، وإذا علم أن عادته نصف الليل لم يقوموا له ولم ينتفع بأذنه.
ويستحب أن يكون المؤذن بليغ الصوت ليبلغ القاصي صوته (¬2)، ويوقظ النائم، وينبه الغافل، وفي البخاري: قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ لِلْمُؤَذِّنِ: أَذِّنْ أَذَانًا سَمْحًا وَإِلاَّ فَاعْتَزِلْنَا (¬3).
وقال أشهب: ويكون المؤذن من أفضل الحي. وهذا هو الحق؛ لأنه أمين على الأوقات: يُصَلَّى بقوله، ويصام ويفطر؛ فينبغي أن تكون فيه خصلتان: الثقة، والمعرفة بالأوقات.
ولا بأس أن يكون المؤذن أعمى إذا كان ثقة لا يخشى عليه أن يفتري (¬4) في الوقت بالتقدير، وكان الذي يعلمه بالوقت ثقة عالمًا بالأوقات.
واختلف في أذان الصبي والجُنُبِ والقاعد، فكره مالك ذلك للصبي والقاعد، وقال: لا (¬5)، إلا أن يكون من عذر مرض أو غيره، فيؤذن لنفسه لا
¬__________
(¬1) في (ش 2): (فإذا).
(¬2) قوله: (صوته) ساقط من (س).
(¬3) أخرجه البخاري معلقا بصيغة الجزم: 1/ 220 في باب رفع الصوت بالنداء، من كتاب الأذان، قبل حديث رقم (584).
(¬4) في (س): (يعتدي)، وفي (ش 2): (يقتدي).
(¬5) قوله: (لا) زيادة من (ش 2).

الصفحة 240