كتاب التبصرة للخمي (اسم الجزء: 1)

ويختلف على هذا في تقدمة الدعاء قبل القراءة، والجواز أحسن؛ لحديث أبي هريرة قال: "كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَسْكُتُ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالقِرَاءَةِ سَكْتَةً. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، سُكُوتكَ بَيْنَ القِرَاءَةِ وَالتَّكْبِيرِ مَا تَقُولُ؟ قَالَ: أَقُولُ: اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْني وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَما بَاعَدْتَ بَيْنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِى مِنَ الخَطَايَا كَما يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بِالمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالَبرَدِ". أخرجه البخاري ومسلم (¬1).
وأما قراءة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فليس بواجب ولا مندوب إليه.
واختلف هل يكره في هذا الموضع أو يباح؟ فقال مالك في المدونة: لا يفعل ذلك في المكتوبة سرًّا ولا جهرًا، وعليه أدركت الناس (¬2).
وقال في المبسوط: إن جهر بذلك في المكتوبة فلا حرج.
وفي مسلم: قال أنس: "صَلَّيْتُ خَلْفَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ، فَكُلُّهُمْ كَانُوا يَسْتَفْتِحُونَ بِالحَمْدُ للهِ، وَلاَ يَذْكُرُونَ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} فِي أَوَّلِ القِرَاءَةِ وَلاَ فِي آخِرِهَا" (¬3). فانتفى بهذا الحديث أن (¬4) تكون قراءته فرضًا ولا ندبًا، وكذلك حديث أبي هريرة قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "قَالَ الله عز وجل: قَسَمْتُ الصَّلاَةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَينِ، فَنِصْفُهَا لِي وَنِصْفُهَا لِعَبْدِي، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ.
¬__________
(¬1) متفق عليه: أخرجه البخاري: 1/ 259 في باب ما يقول بعد التكبير، من كتاب صفة الصلاة، برقم (711)، ومسلم: 1/ 419 في باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة، من كتاب المساجد ومواضع الصلاة برقم (598).
(¬2) انظر: المدونة: 1/ 162.
(¬3) متفق عليه: أخرجه البخاري: 1/ 259 في باب ما يقول بعد التكبير، من كتاب صفة الصلاة، برقم (710)، ومسلم: 1/ 299 في باب حجة من قال لا يجهر بالبسملة، من كتاب الصلاة، برقم (399).
(¬4) في (ر): (ألا).

الصفحة 253