قال الشيخ - رضي الله عنه -: وقد أمرهن الله -عز وجل- بالحجاب فقال: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الأحزاب: 53] وأمرهن بالبلاع فقال -عز وجل-: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ} [الأحزاب: 34] ما سمعن منه من السنة، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ بِلاَلًا يُنَادِي بِلَيْلٍ، فكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ" (¬1) فأجاز لمن كان في بيته أن يقتدي بما يقع له من التفرقة بكان الصوتين وأن هذا نداء بلال فيأكل وهذا نداء ابن أم مكتوم (¬2) فيمسك، ولولا معرفة الصوت لم يجز له أن يأكل بما يقع له أنه أذان بلال؛ لأنه يمكن أن يكون أذان بلال تقدم وهو نائم، وهذا الثاني نداء محرم، ونادى النبي - صلى الله عليه وسلم - مخرمة، فعرف صوته، فخرج وعلى يده قباء، وقال: "خَبَأْتُ هَذَا لَكَ" (¬3)، قال سحنون: وكما يعرف صوت امرأته فيصيبها (¬4)، يريد: وإن كان في ليل ومعه بناته أو غيرهم، وقال ابن القاسم وأشهب وابن الماجشون: لا تجوز شهادته على الزنى لأنه إنما يشهد على الرؤية (¬5).
¬__________
(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري: 1/ 223، في باب أذان الأعمى إذا كان له من يخبره، من كتاب الأذان، برقم (592)، ومسلم: 2/ 768، في باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر وأن له الأكل وغيره، من كتاب الصيام، برقم (1092)، ومالك: 1/ 74، في باب قدر السحور من النداء، من كتاب الصلاة، برقم (161)، من حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنه -.
(¬2) قوله: (فأجاز لمن كان. . . ابن أم مكتوم) ساقط من (ب).
(¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري: 2/ 940، في باب شهادة الأعمى وأمره ونكاحه وإنكاحه ومبايعته وقبوله في التأذين، من كتاب الشهادات، برقم (2514)، ومسلم: 2/ 731، في باب إعطاء من يسأل بفحش وغلظة، من كتاب الزكاة، برقم (1058)، من حديث المسور ابن مخرمة - رضي الله عنه -.
(¬4) انظر: النوادر والزيادات: 8/ 259.
(¬5) انظر: النوادر والزيادات: 8/ 260.