كتاب التبصرة للخمي (اسم الجزء: 6)

لجاز؛ لأن ذلك يقتصي طلقة، ولو قال: سرِّحي نفسك لم يكن لها أن تقضي إلا بطلقة.
والثالث: أنه لو كان تخييره في الثلاث (¬1) لكان حكمه في ذلك يخالف (¬2) حكمنا؛ لأن الوجه الذي يمنع من أجله طلاق الثلاث هو ما يدرك الزوج من الندم، ومثل ذلك يؤمن من النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن التخيير كان من الله سبحانه لا يدركه ندم فيما فعله بوحي.
والرابع: أنه لو سلم أنه يلحقه ما يلحق غيره لم يستردها بعد أن آثرت الدنيا على الله ورسوله والدار الآخرة.
وقوله - صلى الله عليه وسلم - لعائشة - رضي الله عنها -: "لَا عَلَيْكِ أَلَّا تَعْجِلي حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْكِ" لأنها لو اختارت أن يطلقها لامتثل ذلك النبي (¬3) - صلى الله عليه وسلم - لأمر الله -عز وجل- له به، وما روي أن إحدى نسائه اختارت فكانت البتة فغير صحيح، والذي في البخاري ومسلم وغيرهما عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: "فَإِنِّي أُرِيدُ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ" قالت (¬4): "ثُمَّ فَعَلَ أَزْوَاجُهُ مِثْلَ ذَلِكَ" (¬5).
¬__________
(¬1) في (ح): (الثالث).
(¬2) في (ح): (بخلاف).
(¬3) ساقط من (ب).
(¬4) في (ح): (قال).
(¬5) متفق عليه، أخرجه البخاري: 4/ 1796، في باب سورة الأحزاب، من كتاب التفسير، برقم: (4507)، ومسلم: 2/ 1103، في باب بيان أن تخيير امرأته لا يكون طلاقًا إلا بالنية، من كتاب الطلاق، برقم: (1475)، من حديث عائشة - رضي الله عنها -.

الصفحة 2702