كتاب التبصرة للخمي (اسم الجزء: 1)

والقول أن المعنى في الحديث: "إِذَا أَمَّنَ الإِمَامُ فَأَمِّنُوا" أي: إذا قال الإمام: {وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7]؛ لأنه دعاء، ولأن هارون - عليه السلام - كان يؤمن، فقال الله -عز وجل-: {قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا} [يونس: 89] وهذا (¬1) غير صحيح؛ لأنه لا يقال لمن دعا ولم يكن في دعائه تأمين فقال: "اللهم اغفر لي، اللهم ارزقني" فلا يقال: إنه أمن، فكل مؤمنٍ داعٍ، وليس كل داعٍ مؤمنًا، حتى يكون في دعائه آمين.
واستحب للإمام أن يجهر به ليقتدي به من خلفه؛ للحديث: "إِذَا أَمَّنَ الإمَامُ فَأَمِّنُوا" وإذا رفع من الركوع قال: سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد (¬2) إن كان فذًّا، وإن كان إمامًا قال: سمع الله لمن حمده، ويقول من خلفه: ربنا ولك الحمد.
واختلف هل يقول ذلك الإمام، فمنع ذلك مالك مرة (¬3)، وأجازه في مختصر ما ليس في المختصر، وقاله ابن نافع وعيسى بن دينار (¬4) عن (¬5) ابن مزين (¬6)، وهو أحسن؛ لحديث ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: "سَمِعَ اللهُ لَمِنْ
¬__________
= التأمين، من أبواب الصلاة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، برقم (250)، وقال: حسن صحيح.
(¬1) قوله: (وهذا) ساقط من (س).
(¬2) قوله: (ربنا ولك الحمد) ساقط من (ر).
(¬3) انظر: المدونة: 1/ 167.
(¬4) قوله: (وعيسى بن دينار) زيادة من (ش 2).
(¬5) كذا في (س) و (ر) وكذا هي في (ب) غير أنه رسم فوقها (خـ) مما يدل على أنه اعتبرها (خطأ)، وكتب أعلاها (عند) وما فعله هو الصواب فإنّا وإن لم نقف على ما عند ابن مزين فالصواب أن ابن مزين المتوفى سنة (259 هـ) أو (260 هـ) هو من ينقل عن ابن نافع المتوفى سنة (186 هـ).
(¬6) هو: أبو زكريا، يحيى بن إبراهيم بن مزين الطليطلي، القرطبي، المتوفى سنة 259 هـ، روى عن عيسى بن دينار ومحمد بن عيسى الأعشى، ويحيى بن يحيى، وغازى بن قيس =

الصفحة 278