كتاب التبصرة للخمي (اسم الجزء: 1)

باب في الصلاة على الثياب والبسط وغير ذلك
يستحب للمصلي أن يقوم على الأرض من غير حائل، وأن يباشر بجبهته الأرض؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - "يَا رَبَاحُ عَفِّرْ وَجْهَكَ في الأَرْضِ (¬1) ". ولأن ذلك المعمول به في الحرمين: مسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم - والمسجد الحرام الصلاة فيهما على الحصباء والتراب، لم يتخذ فيهما حصير.
وقال - صلى الله عليه وسلم - في المصلي يسوي الحصباء لموضع جبهته: "إن كنت لابد فاعلًا فواحدة" (¬2). فبان بهذا الحديث أنه كان قديمًا بغير فرش ولا حصير، فإن هو صلى على حائل فيستحب أن يكون مما تنبت الأرض كالحصر (¬3) وما أشبه ذلك مما لا يقصد بمثله الترفّه ولا الكبر.
واختلف في ثياب القطن والكتان فكرهه في المدونة (¬4)، وأجازه ابن
¬__________
(¬1) في (ر) (الأرض للصلاة). والحديث أخرجه أحمد في السند: 6/ 323، من حديث أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - برقم (26787)، بلفظ: "عن أبي صالح: أن أم سلمة رأت نسيبًا لها ينفخ إذا أراد أن يسجد فقالت: لا تنفخ؛ فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لغلام لنا يقال له: رباح: "ترب وجهك يا رباح"، وأخرجه الحاكم في المستدرك: 1/ 404، في باب التأمين، من كتاب الإمامة وصلاة الجماعة، برقم (1001) وصححه ووافقه الذهبي.
(¬2) صحيح، أخرجه أبو داود: 1/ 312، في باب في مسح الحمى في الصلاة،، من كتاب الصلاة، برقم (946).
(¬3) في (ر): (كالحصير)، وانظر: المدونة: 1/ 170، والنوادر والزيادات: 1/ 224. والحصير قال فيه الجبي: الحصير: معروف، ويقال له حصير لأنه يحصر ويمنع عن الناس، والحصير الحبس ومنه {وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا}. أي محبسًا. انظر: شرح غريب ألفاظ المدونة، للجُبِّي، ص: 24.
(¬4) في (ب): (الكتاب) انظر: المدونة: 1/ 170، ولفظه في المدونة: (وقال مالك: لا يسجد على =

الصفحة 301