كتاب التبصرة للخمي (اسم الجزء: 1)

فصل في إمامة المرأة
إمامة المرأة الرجال غير جائزة، واختلف في إمامتها للنساء، فقال مالك (¬1) في الكتاب: لا تؤم المرأة (¬2). ولم يفرق، وروى عنه ابن أيمن أنه أجاز أن تؤم النساء، وهو قول الشافعي (¬3). وأجاز أبو ثور والطبري إمامتها الرجال والنساء (¬4).
فأما إمامتها النساء فالصواب جوازها ابتداءً عند عدم من يؤمهن من الرجال، وذلك أحسن من صلاتهن أفذاذًا، ويكره مع وجود من يؤمهن من الرجال، فإن فعلن أجزأت صلاتهن لتساوي حالهن؛ ولأنه لم يأت أثر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بمنع إمامتهن.
وتمنع إمامتهن الرجال؛ لنقصهن عنهم، وقد اعتل للقول بالمنع بأن كلامهن عورة، وبقوله - صلى الله عليه وسلم -: "خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلهُا وَشَرُّهَا آخِرُهَا، وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا وَشَرُّهَا أَوَّلهُا" (¬5). وجميع هذا إنما تجيء منه الكراهة ولا يجيء منه عدم الإجزاء؛ لأنه لا يختلف أن صلاة أولهن صفًّا جائزة لا تجب إعادتها، وأنه لو
¬__________
(¬1) قوله: (مالك) ساقط من (ر).
(¬2) انظر: المدونة: 1/ 177.
(¬3) قال في الأم 1/ 292: (قال الشافعي رحمه الله تعالى: وإذا صلت المرأة برجال ونساء وصبيان ذكور فصلاة النساء مجزئة وصلاة الرجال والصبيان الذكور غير مجزئة).
(¬4) انظر: المجموع للنووي: 4/ 255.
(¬5) أخرجه مسلم: 1/ 326، في باب تسوية الصفوف وإقامتها وفضل الأول فالأول منها والازدحام على الصف الأول والمسابقة إليها وتقديم أولي الفضل وتقريبهم من الإمام، من كتاب الصلاة، برقم (440).

الصفحة 328