كتاب التبصرة للخمي (اسم الجزء: 1)

وينبغي إذا كان الوجه في المنع لأن الآخرة نافلة (¬1) ألا يعيد العصر ولا الصبح، وهو قول عبد الله بن عمر؛ قال في الموطأ: لا يعيد الصبح ولا المغرب (¬2). وقال أبو حنيفة: لا يعيد الصبح ولا العصر.
ورأى (¬3) أن الآخرة نافلة، وإذا سلّم مالك وغيره من أصحابه أن له أن يعيد الصبح والعصر دل على أن الآخرة ليست بنافلة، وأن يعيد المغرب كما قال المغيرة، وهو أحسن؛ لحديث محجن قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِذَا جِئْتَ فَصَلِّ مَعَ النَّاسِ، وَإِنْ كُنْتَ قَدْ صَلَّيْتَ" (¬4)، فعم، ولو كان ذلك في بعض الصلوات لبيّنه، ولم يجز تأخير البيان (¬5) في ذلك. ولحديث معاذ كان يصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم يأتي قومه فيؤمهم (¬6)، ولم يخص شيئًا من الصلوات، وفي بعض طرقه أنه كان يصلي المغرب ثم يؤم قومه (¬7).
ولحديث الأسود قال: "شَهِدْتُ الصُّبْحَ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي حَجَّتِهِ بِمَسْجِدِ الخَيْفِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَأَى رَجُلَيْنِ لَمْ يُصَلِّيَا مَعَهُ، فَقَالَ: عَلَيَّ بِهِمَا، فَقَالَ:
¬__________
(¬1) في (س): (نفل).
(¬2) انظر: الموطأ: 1/ 133، برقم (300).
(¬3) في (س): (أرى).
(¬4) أخرجه مالك: 1/ 132، في باب إعادة الصلاة مع الإمام، من كتاب صلاة الجماعة، برقم (296)، والنسائي في سننه: 2/ 112، في إعادة الصلاة مع الجماعة بعد صلاة الرجل لنفسه، في كتاب الإمامة، برقم (857).
(¬5) في (ر): (البيان عن وقت الحاجة).
(¬6) متفق عليه، البخاري: 1/ 248، في باب إذا طول الإمام وكان للرجل حاجة فخرج فصلى، من كتاب الجماعة والإمامة، برقم (668)، ومسلم: 1/ 339، في باب القراءة في العشاء، من كتاب الصلاة، برقم (465).
(¬7) أخرجه الترمذي: 2/ 477، في باب ما جاء في الذي يصلي الفريضة ثم يؤم الناس بعد ما صلى، من أبواب السفر، برقم (583)، قال الترمذي: (حسن صحيح).

الصفحة 334