كتاب التبصرة للخمي (اسم الجزء: 1)

والقول إنه يستتاب أحسن؛ لأن كليهما مخاطب، إلا أن هذا - بالإيمان بها، وهذا بالصلاة، وكلاهما عاص في تأخير ذلك، فإذا جاز أن يؤخر هذا لحرمة القتل؛ رجاء أن يعود إلى الإيمان - جاز تأخير الآخرة رجاء أن يتوب ويعود إلى الصلاة، ولا خلاف أن حرمة الإيمان أعظم من حرمة الصلاة، والكل حق لله -عز وجل-. ولا وجه لقول عبد الملك إذا قال: أصلي (¬1) ولا يفعل- إنه يعاقب، ولا يقتل. ولا فرق بين أن يقول: لا أصلي أو أصلي ثم لا يفعل؛ لعدم الصلاة منهما جميعًا؛ ولقول الله -عز وجل-: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} [التوبة: 5] يريد بالتوبة: الدخول في الإسلام، فأخبر أن القتل إنما يُرْفَعُ عنهم إذا أقاموا الصلاة، وهو الفعل ليس الإقرار بها، ولقول النبي - عليه السلام -: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّيَ دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالهُمْ إِلاَّ بِحَقِّهَا" أخرجه البخاري ومسلم (¬2).
وهذا الحديث طابق القرآن أنه إنما يعصمه من إراقة دمه أن يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة.
وعلى القول: إنه تلزم الصلاة قبل خروج الوقت؛ فإن المراعى الوقت الضروري، فإن كان في العصر فإذا بقي لغروب الشمس مقدار الإحرام وركعة دون سجودها - لم يعجل عليه بالقتل قبل ذلك، ولا يراعى قدر القراءة
¬__________
(¬1) في (س): (لا أصلي).
(¬2) سبق تخريجه عند قوله: (وأما السنة فقوله).

الصفحة 414