كتاب التبصرة للخمي (اسم الجزء: 2)

وقال ابن وهب وابن حبيب: سجود القرآن خمس عشرة (¬1). وأثبتا ثانية الحج. وليس بحسن؛ لأن المفهوم والمراد بها الركوع والسجود في الصلاة. والقول بإثبات السجود في الثلاث التي في المفصل، وأنها من العزائم أحسن، لحديث أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سجد في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ}، وقد اجتمع عليه الموطأ والبخاري ومسلم (¬2)، وزاد مسلم عنه أنه قال في {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} [العلق: 1]: "سَجَدْتُ بِهَا خَلْفَ أَبِي القَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم -، فَلا أَزَالُ أَسْجُدُ بهَا حَتَّى أَلْقَاهُ" (¬3).
¬__________
= يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} وفي الحج قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ}.
غير أن هذا لا يطرد في سجدة آية الحج الثانية قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} وهذه ليست بسجدة عند جمهور المالكية ولذا قال ابن الحاجب في الجامع بين الأمهات: 1/ 117: (وَرُوِيَ: أَرْبَعَ عَشْرَةَ دُونَ ثَانِيَةِ الحَجِّ) وقال الشيخ خليل في مختصره، صـ 38: (لا ثانية الحج)، فعلى هذا تخرج من كلام المؤلف، ويتبين مراده.
انظر: الزاهي، لابن شعبان، لوحة رقم: [25 / أ].
(¬1) انظر: النوادر والزيادات: 1/ 517، 518.
(¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري: 1/ 265، في باب ما جاء في سجود القرآن، من كتاب القرآن، برقم (480)، ومسلم: 1/ 406، في باب سجود التلاوة، من كتاب المساجد ومواضع الصلاة، برقم (578)، ومالك في الموطأ: 1/ 205، في باب ما جاء في سجود القرآن، من كتاب القرآن، برقم (480).
(¬3) الذي وقفت عليه في صحيح مسلم وغيره أن ذلك في الانشقاق لا في العلق، انظر: صحيح مسلم الحاشية السابقة، وهي كذلك عند البخاري، انظر الحاشية السابقة.
قلت: والسجود في العلق أخرجه النسائي: 2/ 162، في السجود في اقرأ باسم ربك من صفة الصلاة، برقم (967)، وأخرجه ابن خزيمة: 1/ 278، في باب السجود في {إِذَا السَّمَاءُ =

الصفحة 425