كتاب التبصرة للخمي (اسم الجزء: 2)

أحد بذلك الموضع - فلا إثم على واحد منهما، وإن كان للمار مندوحة عن المرور بين يديه كان الإثم على المار.
والأصل في تعلق الإثم حديث أبي جهيم قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لَوْ يَعْلَمُ المَارُّ بَيْنَ يَدَي المُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ، لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ" (¬1).
واختلف في القدر الذي يكون بين يدي المصلي، فقيل: قدر شبر، لحديث سهل بن سعد قال: "كَانَ بينَ مُصَلَّى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَبيْنَ الجِدَارِ قَدْرُ مَمَرِّ الشَّاةِ" (¬2). وقدر ذلك شبر، وقد كان شيخنا أبو الطيب رحمة الله عليه ورضوانه. إذا قام إلى الصلاة دنا من الجدار ذلك القدر، لهذا الحديث، وإذا ركع تأخر، وقيل: قدر ذلك ثلاثة أذرع؛ لحديث بلال - رضي الله عنه -: "أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى فِي الكَعْبَةِ وَجَعَلَ بَيْنَهُ وَبيْنَ الجِدَارِ ثَلاَثَةَ أَذْرُعٍ" (¬3). وإن ذلك يرجع إلى حديث سهل؛ لأنه إذا كان قيام المصلي من ثلاثة أذرع بقي بعد سجوده إلى الجدار نحو شبر.
وقال الداودي (¬4): ذلك واسع، وأكثره ثلاثة أذرع، وأقله ممر شاة.
¬__________
(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري: 1/ 191، في باب إثم المار بين يدي المصلي، من أبواب سترة المصلى في صحيحه، برقم (488)، ومسلم: 1/ 363، في باب منع المار بين يدي المصلي، من كتاب الصلاة، برقم (261)، ومالك في الموطأ: 1/ 154، في باب التشديد في أن يمر أحد بين يدي المصلي، من كتاب قصر الصلاة في السفر، برقم (362).
(¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري: 1/ 188، في باب قدر كم ينبغي أن يكون بين المصلي والسترة، من أبواب سترة المصلي في صحيحه: 1/ 188، برقم (474)، ومسلم: 1/ 364، في باب دنو المصلي من السترة، من كتاب الصلاة، برقم (508).
(¬3) أخرجه البخاري: 2/ 580، في باب الصلاة في الكعبة، من كتاب الحج في صحيحه، برقم (1522).
(¬4) هو: أبو جعفر، أحمد بن نصر الداودي، الأزدي، المتوفى سنة 402 هـ، أخذ عنه أبو عبد الله البوني، وعليه تفقه، وأبو بكر ابن أبي محمد بن أبي زيد القيرواني، وأبو علي بن الوفاء =

الصفحة 439