وفي القُرَبِ وكالتُه - صلى الله عليه وسلم - لعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه - على نحر بعض البُدْن وأن يتصدق بجِلالها وجلودها (¬1). وفي قضاء الديون وكالتُه على أن يقضي عنه بكرًا كان عليه (¬2).
فصل [الوكالة على وجهين بعوض وبغير عوض]
الوكالة على ضربين: بعوضٍ، وبغير عوضٍ. فإن كانت بعوض وكانت على وجه الإجارة لزمت الفريقين بنفس العقد، واختُلف إذا كانت على وجه الجِعَالَة على ثلاثة أقوال: فقيل: هي لازمة لهما كالإجارة. وقيل: تلزم الجاعل بنفس العقد، والمجعولُ له بالخيار قبل العمل وبعده. وقيل: كل واحد منهما بالخيار قبل العمل، فإن شَرَعَ في العمل سقط خيارُ الجاعل وبَقِيَ الآخرُ بالخيار، وإن كانت الوكالة بغير عوض كانت غيرَ واجبةٍ على الموكل، وله أن يعزله قبل العمل وبعده.
واختُلف في الوكيل، فقيل: هو بالخيار بين التمادي أو الترك، وهو قول مالك، وإليه ذهب أبو الحسن علي بن القصار -رحمه الله- وغيرُه من البغداديين.
¬__________
(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري: 2/ 613، في باب لا يعطي الجزار من الهدي شيئًا، من كتاب الحج،، برقم (1629)، ومسلم: 2/ 954، في باب في الصدقة بلحوم الهدي وجلودها وجلالها، من كتاب الحج، برقم (1317).
(¬2) هذا إشارة إلى حديث أبي رافع مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "استسلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكرًا فجاءته إبل من الصدقة قال أبو رافع فأمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أقضي. . . ." الحديث، وهو حديث صحيح: أخرجه مسلم: 3/ 1224، في باب من استلف شيئًا فقضى خيرا منه، من كتاب المساقاة، برقم (1600)، ومالك: 2/ 680، في باب ما يجوز من السلف، من كتاب البيوع، برقم (1359).