واختلف في آخر وقته، فقال مالك: يصلى بعد الفجر ما لم يصلِّ الصبح (¬1).
وقال أبو مصعب: لا يقضي بعد الفجر.
وقال ابن الجهم (¬2): إنما قال مالك: يُصَلَّى بعد الفجر وإن كان من صلاة الليل، للاختلاف في الفجر، فقال قوم: هو من الليل. وقال قوم: هو من النهار. وقال قوم: حال بين حالين. فلتأكيده أحب قضاءه في هذا الموضع، ولا أرى أن يُقْضَى بعد الفجر، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "بَادِرُوا الصُّبْحَ بِالوِتْرِ" أخرجه مسلم (¬3)، وقوله: ". . .فَإِذَا خَشِيَ أَحَدُكُمُ الصُّبْحَ صَلَّى رَكعَةً. .".
واختلف بعد القول إنه يصَلَّى بعد الفجر إذا ذكره بعد أن تلبس بصلاة الصبح، أو لم يتلبس بها وضاق الوقت فإن أوتر أدرك ركعة من الصبح، فقال مالك: إذا ذكر وهو في جماعة قطع؛ لأن الوتر سنة، فهو إن ترك فضل الجماعة
¬__________
(¬1) انظر: المدونة: 1/ 212.
(¬2) هو: أبو بكر، محمد بن أحمد بن محمد بن الجهم المروزي، البغدادي، المعروف بابن الورَّاق، المتوفى سنة 327 هـ وقيل: 329 هـ، وقيل: 332 هـ، صحب إسماعيل القاضي، وتفقه معه ومع أصحابه ابن بكير وغيره، وروى عن إبراهيم بن حماد، ومحمد بن عبدوس، وعبد الله بن محمد النيسابوري، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وروى عنه أبو بكر الأبهري، وأبو إسحاق الدِّينوَري، وغيرهما، وألَّف كتبًا على مذهب مالك، منها: الرَّدُّ على محمد بن الحسن، ومسائل الخلاف، والحجة لمذهب مالك، وشرح مختصر ابن عبد الحكم الصغير، وبيان السُّنَّة. انظر ترجمته في: ترتيب المدارك، لعياض: 5/ 19، والديباج، لابن فرحون: 2/ 185، وشجرة النور، لمخلوف: 1/ 78، وطبقات الفقهاء، للشيرازي، ص: 166، وتاريخ بغداد، للخطيب: 1/ 287، والتعريف بالأعلام والمبهمات، لابن عبد السلام (بهامش الجامع بين الأمهات بتحقيقنا): 1/ 189.
(¬3) أخرجه مسلم: 1/ 517، في باب صلاة الليل مثنى مثنى والوتر ركعة من آخر الليل، من كتاب صلاة المسافرين وقصرها، برقم (750).