بثلاثة: المصر، والجماعة، والإمام الذي تخاف مخالفته، فمتى عدم شيءٌ من هؤلاء لم تكن جمعة.
فجميع هذه الروايات يشدّ بعضها بعضًا، أنها إنما تقام بالمدن والأمصار وما كان من القرى يشبهها (¬1).
وراعى مالك مرةً العدد، فروى عنه مطرف وابن الماجشون في كتاب ابن حبيب أنه قال: إذا كانوا ثلاثين رجلًا أو ما قاربهم جمَّعوا (¬2).
قال ابن حبيب: وهو مثل قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا اجتمع ثلاثون بيتًا. . ." (¬3) والبيت: مسكن الرجل الواحد.
وفي مختصر ما ليس في المختصر قال: إذا كانت قرية فيها خمسون (¬4) رجلًا ومسجد يجمّعون فيه الصلوات - فلا بأس أن يصلوا صلاة الخسوف، وعلى هذا لا يصلون الجمعة إلا أن يكونوا هذا القدر؛ لأن الجمعة أولى بطلب ذلك فيها.
وقال الشيخ أبو بكر الأبهري: لا حد لهم. وقال أبو الحسن ابن القصار: وليس عند مالك للجماعة التي تجب عليهم الجمعة حدّ محدود، غير أني رأيت لمالك نصًّا: أنها لا تقام بالثلاثة ولا بالأربعة، وقال أبو محمَّد عبد الوهاب: إنهم لا حد لهم، إلا أن يكونوا عددًا يمكنهم الثواء وتتقرى بهم قرية (¬5).
¬__________
(¬1) في (ب): (شبها بها).
(¬2) انظر: النوادر والزيادات: 1/ 452.
(¬3) ذكره سحنون في المدونة: 1/ 233، وعزاه إلى ابن وهب عن القاسم بن محمَّد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا، وفيه علة أخرى وهي الانقطاع بين ابن وهب والقاسم بن محمَّد رحمهم الله.
(¬4) في (ب): (ثلاثون).
(¬5) انظر: الإشراف: 1/ 322.