كتاب التبصرة للخمي (اسم الجزء: 2)

مالك في كتاب ابن حبيب: من السنة أن يخطب الإِمام خطبتين، فإن نسي الثانية أو أحصر عنها، فتركها فالأولى تكفيهم، ولو لم يكن أيضًا أتمّها، إلا أنه أثنى على الله -عز وجل- وتشهد، أو أمر أو نهى أو وعظ وقال خيرًا وإن كان خفيفًا جدًّا، فذلك يجزئ عنه، قال: وإن أحصر أيضًا في الثناء على الله -عز وجل- والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى نزل، فذلك يجزئه، ولا يبالي أصابه ذلك في الأولى أو في الثانية (¬1).
قال الشيخ: وأرى أن تجزئ الخطبة الواحدة، وألا يجزئ من ذلك إلا ما له قدرٌ وبالٌ؛ لأن الشيء اليسير في معنى العدم.
وقال ابن حبيب: وليقصر الخطبتين والثانية أقصرهما، قال: وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يدع أن يقرأ في خطبته {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} إلى قوله {فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70] (¬2) وينبغي، أن يقرأ في الخطبة الأولى بسورة تامة من قصار المفصل، وكان عمر بن عبد العزيز يقرأ تارة {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} وتارة {وَالْعَصْرِ} (¬3).

فصل [خطبة الإِمام وحده ومن تفوته الخطبة]
وقال أبو الحسن ابن القصار: ليس عن مالك في الإِمام يخطب وحده دون من تنعقد به الجمعة نصٌّ، والذي يوجبه النظر: أن لا تصح إلا بحضرة
¬__________
(¬1) انظر: النوادر والزيادات: 1/ 473.
(¬2) حسن، أخرجه أبو داود في سننه: 1/ 644، في باب في خطبة النكاح، من كتاب النكاح، برقم (2118)، والترمذي في سننه: 3/ 413، في باب ما جاء في خطبة النكاح، من كتاب النكاح، برقم (1105)، وقال الترمذي: حديث عبد الله حديث حسن.
(¬3) انظر: النوادر والزيادات: 1/ 472، 473.

الصفحة 584