كتاب التبصرة للخمي (اسم الجزء: 12)

وروى عنه ابن وهب أنه قال: إذا علم أن على الجاحد دينا (¬1) إن قيم عليه لم يكن ذلك له (¬2) في المحاصة، فلا يأخذه، وإن علم أنه لا دين عليه فلا بأس، ورواه ابن نافع وزاد: إذا أمن أن يحلف كاذبًا فليأخذ قدر حقه.
وقال محمد بن عبد الحكم: لا بأس أن يأخذ ذلك وإن كان عليه دين ما لم يفلس، وقال محمد بن المواز في كتاب الإقرار الأول: ومن غصب مني شيئًا ثم خفي لي أخذه بعينه أكنت آخذه؟ قال: ذلك جائز، قلت: فإن لم أجد الشيء بعينه وظفرت له بغيره من ماله، قال: لو أعلم أنه لا دين عليه يحيط بماله لم أر عليه شيئًا (¬3).
والصواب أن له أن يجحده ما أودعه مكان حقه عليه؛ لقول الله -عز وجل-: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل: 126]؛ ولقول النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لهند بنت عتبة، وقالت: إنه رجل مسيك، فهل عليَّ جناح أن آخذ من ماله؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: "خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالمَعْرُوفِ"، وقد قيل في معنى الحديث: ولا تخن من خانك فتأخذ فوق حقك، وإن كان عليه غرماء جاز أن يحبس (¬4) جميعها إذا كانوا عالمين بفلسه وتركوه يبيع ويشتري ويقضي، أو شكوا في حاله فتركوه، وإن كان ظاهره عندهم اليسر ولو علموا ضربوا على يده - جاز لهذا أن يحبس ما لا يشك أنه يصير له في المحاصة. وإن كانت الوديعة عرضًا جاز له (¬5) أن يبيعها ويحبس الثمن مما له عليه.
¬__________
(¬1) قوله: (إذا علم أن على الجاحد دينا) يقابله في (ف): (إذا لم يكن على الجاحد دين).
(¬2) قوله: (له) زيادة من (ق 6).
(¬3) انظر: النوادر والزيادات: 10/ 454، 455.
(¬4) في (ف): (يأخذ).
(¬5) قوله: (له) ساقط من (ق 6).

الصفحة 6010