كتاب التبصرة للخمي (اسم الجزء: 1)

باب في آداب الأحداث
وينبغي لمن أراد الغائط أو البول أن يبعد عن الناس، وروى المغيرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "أنه كان إِذَا أَتَى (¬1) حَاجَتَهُ أبْعَدَ فِي المَذهبِ" (¬2). وروي عنه "أنه كَانَ يَرْتَادُ لِبَوْلِهِ مَكَانًا كَمَا يَرْتَادُ مَنْزِلًا" (¬3).
ومحمل الحديث "أنه - صلى الله عليه وسلم - أتَى سُبَاطَةَ قَوْمٍ فَبَالَ قَائِمًا، (¬4): أن ذلك لضرورة؛ لأنه كان - صلى الله عليه وسلم - يغشاه الناس والوفود، ويقوم بأمر الأمة، فنزل به من ذلك ما يضر به الصبر إلى وصوله لبيته أو لا يستطيع إمساكه. وفي الترمذي: قالت عائشة - رضي الله عنه -: "مَنْ حَدَّثكمْ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَبُولُ قَائِمًا فَلاَ تُصَدِّقُوهُ" (¬5). وهذا يؤيد أن ذلك كان مخالفًا لعادته لضرورة.
واستخف مالك أن يبول الرجل قائمًا إذا كان لا يتطاير عليه وكان مستترًا عن الناس (¬6).
¬__________
(¬1) في (ش 2): (أراد).
(¬2) حسن صحيح، أخرجه الترمذي في سننه: 1/ 31، في باب ما جاء أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد الحاجة أبعد في المذهب، من أبواب الطهارة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برقم (20)، وابن خزيمة: 1/ 30، في باب التباعد عن الغائط في الصحارى عن الناس، من كتاب الوضوء في صحيحه، برقم (50). قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(¬3) أخرجه الترمذي في سننه معلقًا: 1/ 31، في باب ما جاء أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد الحاجة أبعد في المذهب، من كتاب الطهارة , قال المباركفوري في تحفة الأحوذي: 1/ 80: (لم أقف على من أخرج هذا الحديث بهذا اللفظ).
(¬4) متفق عليه , أخرجه البخاري: 1/ 90، في باب البول قائمًا وقاعدًا، من كتاب الوضوء، برقم (222)، ومسلم: 1/ 228، في باب المسح على الخفين، من كتاب الطهارة, برقم (273).
(¬5) أخرجه الترمذي في سننه: 1/ 17، في باب ما جاء في النهي عن البول قائمًا , من أبواب الطهارة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برقم (12).
(¬6) انظر: المدونة: 1/ 131.

الصفحة 62