مُلحفًا إذا كان عنده شيء وإن لم يتكرر منه السؤال. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ سَأَلَ وَلَهُ أُوقيَّةٌ أَوْ عَدْلهُا فَقَدْ سَأَلَ إِلحافًا" (¬1) واستشهد من قال: المسكين (¬2) يقع على من له شيء. بقوله -عز وجل-: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ} [الكهف: 79]، فأثبت لهم سفينة وليس كذلك، والمساكين ها هنا المسكنة وقلة المقدرة على الدفاع من ظلم ذلك الملك وهذا مثل قوله -عز وجل-: {وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ} [البقرة: 61]، واحتج من قال لا شيء له بقوله -عز وجل-: {أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ} [البلد: 16]، وليس هذا أيضًا بالبين، وإنما وصف بأنه ذو متربه (¬3)؛ لأن ذلك نهاية ما يبلغه من الفقر، وفيه دليل على أنه يكون مسكينًا فوق هذه الصفة، ولهذه خُصَّ من بين غيره، فقيل: {ذَا مَتْرَبَةٍ}.
واستشهد من نفى عنه السؤال بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لَيْسَ المِسْكِينُ الَّذِي تَرُدُّهُ اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ، وَالتَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ، وَلَكِنِ المِسْكِينُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ غِنًى يُغْنِيهِ، وَيَسْتَحْيِ فَلا يَسْأل النَّاسَ إِلحافًا" وهذا لفظ البخاري (¬4)، ومحمل هذا الحديث أنه ليس كغيره ممن بلغ به الحال ولا يسأل، وليس لأنه لا يقع عليه اسم مسكين. وفي الترمذي: "جَاءَتِ امْرَأةٌ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ المِسْكِينَ لَيقُومُ عَلَى بَابِي، فَمَا أَجِدُ لَهُ شَيْئًا أُعْطِيهِ إِيَّاهُ، فَقَالَ: إِنْ لَمْ تَجِدِي إِلاَّ ظِلْفًا
¬__________
(¬1) سبق تخريجه، ص: 969.
(¬2) قوله: (المسكين) ساقط من (م).
(¬3) قوله: (وليس هذا. . . ذو متربة) ساقط من (م).
(¬4) متفق عليه أخرجه البخاري: 2/ 538، في باب قول الله تعالى: {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} [البقرة: 273]، من كتاب الزكاة، برقم (1409)، ومسلم: 2/ 719، في باب المسكين الذي لا يجد غنى ولا يفطن له فيتصدق عليه، من كتاب الزكاة، برقم (1039)، ومالك: 2/ 923، في باب ما جاء في المساكين، من كتاب صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - برقم (1645).