كتاب فضائل أبي حنيفة وأخباره لابن أبي العوام

727 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن هارون بن محمد قال: حدثني أبي، قال: حدثني أبو يحيى بن أبي مسرة، قال: حدثني محمد بن داود العباسي قال: كنا ببغداد، وحضر شهر رمضان، فكنا نحضر دار هارون #316# الرشيد كل عشية، فإذا صلينا العصر خرج الإذن لعبيد الله بن العباس، ولداود بن عيسى، ولعبد الله بن سليمان، ثم يخرج الإذن بعدهم لأبي يوسف القاضي، ولابن عمران الطلحي ولحسن اللؤلؤي، فلا يزالوان في الفقه بين يدي هارون الرشيد، فإذا طفلت الشمس أذن لنا فدخلنا، فأقبل الرشيد عليهم يوماً، فقال: سلوا، فألقى عليه حسن اللؤلؤي مسألة من المعقدات، فأقبل عليه أبو يوسف فقال: ليس هذا مما يسأل عنه أمير المؤمنين، ولكن يا أمير المؤمنين، قال أبو حنيفة في مسألة كذا، واحتج بكذا، وقال ابن أبي ليلى فيها كذا، واحتج بكذا، فبأي القولين يأخذ أمير المؤمنين؟ قال الرشيد: بقول أبي حنيفة، لأن حجته فيها أقوى، قال: فإن ابن أبي ليلى قال في مسألة كذا، وحجته فيها كذا، وقال أبو حنيفة فيها كذا، وحجته [فيها] كذا، فبأي القولين يأخذ أمير المؤمنين؟ قال الرشيد: بقول ابن أبي ليلى لأن حجته فيها أقوى، فلما انصرفنا أقبل أبو يوسف على اللؤلؤي فقال: يا ضعيف، مثل هذه المسألة المعقدة تلقى على الخلفاء، لو ألقيت هذه على بعضنا ما قام بها، فقال له اللؤلؤي: فلم؟ قال: سلونا، قال: وكان الرشيد إذا صلى مسح بيده موضع سجوده، ثم مسح به وجهه، فقال له الحسن: إن هذا الذي يفعله أمير المؤمنين بدعة، فعمن أخذه؟ قال: رأيت آبائي يفعلونه، فأنا أقتدي بهم، فأقبل عليه أبو يوسف فقال: هذا لا علم له، ثم أقبل على اللؤلؤي فقال: ألم تسمع أن النبي صلى الله عليه وسلم رقى رجلاً فوضع يده على ريقه ثم على #317# الأرض ثم قال: ((ريق بعضنا بتربة أرضنا يشفي مريضنا)). فلما انصرف أمر هارون بحجب اللؤلؤي عنه.

الصفحة 315