كتاب فضائل أبي حنيفة وأخباره لابن أبي العوام

738 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني إبراهيم بن حميد الكلابزي قال: ثنا أبو بكر الخصاف أحمد بن عمرو بن مهين قال: حدثني أبي قال: سمعت الحسن قال: قال أبو يوسف: أعلم ما تكون بالكلام أجهل ما تكون بالله عز وجل، قال إبراهيم: وحدثني أبو بكر الخصاف قال: حدثني أبي قال: ثنا الحسن زياد قال: كنا يوماً بباب أبي يوسف ونحن ننتظره، إذ أقبل من دار الرشيد وهو يتبسم، فقال: حدثت مسألة في دار أمير المؤمنين اليوم، فقلنا: وما هي -أصلحك الله-؟ قال: رفع إلى أمير المؤمنين أن قاضياً بأرمينية اختصم إليه جاريتان في جرتين وقد استقتا ماء من بعض المواضع فوضعتا جرتيهما لتستريحا فسقطت جرة كل واحدة منهما على جرة صاحبتها فانكسرتا، فاختصمتا إلى القاضي، فقالت كل واحدة منهما: سقطت جرة هذه على جرتي فانكسرت، فجعل القاضي ينظر إليهما لا يعرف المدعي منهما من المدعى عليه، فقال للقيم: أخرهما عني، فآخرهما، ثم صاحتا فأدناهما، فلما اقتصتا قصتهما عليه نظر إليهما، ثم قال للقيم أخرهما عني، فصاحتا: فقال للقيم: اذهب فاشتر لهما جرتين وأرحني منهما، فلما كان العشي قال لرجل كان يأنس به ويختلف إليه: ماذا يقول الناس ويخوضون فيه من أمرنا؟ قال: يقولون: إن #322# القاضي لم يحسن يحكم في جرتين حتى غرمهما، فقال: سبحان الله! أو لا يرضون مني أن أحكم فيما أحسن وأغرم فيما لا أحسن، قال أبو يوسف: فقلت: يا أمير المؤمنين، هذا رجل عاقل فزده في إرزاقه للغرامات، فزاده ألف درهم في كل شهر، قال الحسن بن زياد: فقلنا لأبي يوسف: كيف الجواب في هذه المسألة؟ قال: إن كانت الجاريتان وضعتا الجرتين في مستراح المسلمين فكل واحدة منهما جاعلة جرتها في حقها غير جانية على صاحبتها، وإن كانتا وضعتا الجرتين في غير مستراح المسلمين فكل واحد جانية على صاحبتها وعلى كل واحدة منهما قيمة جرة صاحبتها، وإن كانت إحداهما في مستراح، والأخرى في غير مستراح، فالتي في غير المستراح جانية على التي في المستراح.

الصفحة 321