كتاب فضائل أبي حنيفة وأخباره لابن أبي العوام

845 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: سمعت أحمد بن محمد بن سلامة يقول: سمعت فهد بن سليمان يقول: سمعت يحيى بن صالح الوحاظي يقول: سمعت محمد بن الحسن يقول في الاستطابة بالثلاثة الأحجار: إنما أريد بها التيقن للنظافة، وذاك أنها تكون بعد إزالة النجاسة.
846 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: حدثني أحمد بن أبي عمران قال: حدثني محمد بن عبد الرحمن بن بكر الطبري قال: سمعت معلى بن منصور يقول: لقيني أبو يوسف بهيئة القضاء، فقال لي: يا معلى، من تلزم اليوم؟ قلت: محمد بن الحسن، فقال: ألزمه فإنه أعلم الناس، قال: ثم لقيني بعد ذلك فقال لي يا معلى، من تلزم اليوم؟ قلت: محمد، قال: ألزمه فإنه من أعلم الناس، فحطه من المرتبة الأولى إلى الثانية.
847 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا أحمد بن أبي عمران قال: سمعت محمد بن سماعة يقول: كنت لا أكتب نوادر محمد بن الحسن، فرأيته فيما يرى النائم كأنه ينفث الحديد، فذكرت ذلك لبعض أهل العلم بالرؤيا، فقال لي: هذا رجل يتكلم بالحكمة، فإن أمكنك أن لا يفوتك شيء من كلامه فافعل، فكتبت النوادر من ذلك الوقت.
848 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة #354# قال: سمعت أبا خازم عبد الحميد بن عبد العزيز القاضي يقول: سمعت بكر ابن محمد العمي، قال: سمعت محمد بن سماعة يقول: كنا مع محمد بن الحسن في دار هارون الرشيد، فبينا نحن كذلك إذ دخل علينا هارون أمير المؤمنين، فقام الناس إليه جميعاً على أقدامهم غير محمد بن الحسن، فإنه ما برح من مكانه، فجعل هارون ينظر إليه، فلما دخل أذن له دون الناس، فقلت في نفسي: أراه أراد أن يخلو بعقوبته على تركه القيام إليه، ثم خرج محمد فاتبعته إلى منزله، فسألته عن حاله، فقال: قال لي لما دخلت عليه: إني عزمت على قتل مقاتلة بني تغلب وأن أسبى ذراريهم، فقلت: ولم ذاك يا أمير المؤمنين؟ وقد صالحهم عمر بن الخطاب على ما صالحهم عليه، فقال لي: إن عمر إنما كان صالحهم على أن لا يصبغوا أولادهم يعني غمسهم في المعمودية، وقد صبغوا الأولاد، فخرجوا بذلك من الأمان، فقلت: إن عمر قد أقرهم بعد صبغهم الأولاد على أمانهم، فدل ذلك أنه قد كان أمضى لهم أمانهم بلا شريطة عليهم فيه، فقال لي: إن عمر إنما كان ترك قتالهم بعد ذلك لقصر المدة، فقلت له: إن المدة وإن قصرت بعد ذلك، فإنه قد كان بعده إماماً عدل طالت مدتهما فلم يهيجوهم عثمان وعلي رضي الله عنهما، فدل ذلك على أنهما قد كانا أمضيا لهم الصلح بلا شريطة عليهم فيه، فقال لي: أخرج، قال: وحضرت هارون يوماً بعث إلى محمد بن الحسن والحسن بن زياد، فدخلا عليه وأنا حاضر، وأتى برجل من آل أبي طالب يقال له: يحيى بن عبد الله بن حسن ابن حسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام، فجعل على نطع، وعلى رأسه #355# رجل في يده سيف، والطالبي يناشد، وقد كان هارون أمنه، فأمر بكتاب أمانه فدفع إلى محمد بن الحسن، فقرأه محمد ثم نادى بأعلى صوته: يا أمير المؤمنين، هذا أمان صحيح، ودم الرجل حرام، فتغير وجه هارون، ثم أمر بالكتاب فدفع إلى الحسن بن زياد، فقرأه، ثم قال بكلام خفي: هذا أمان صحيح، فبينا نحن كذلك إذ دخل أبو البختري وهب بن وهب، فأخذ الكتاب من غير أن يؤمر بذلك فقرأه، ثم أخرج سكيناً من خفه فقطعه بها، ثم قال: يا أمير المؤمنين، ما هذا بأمان جائز، دم هذا الرجل حلال، أقتله ودمه في عنقي، فقتل الرجل، فالتفت هارون إلى محمد بن الحسن، فقال له: إني لأعلم أن الذي يقوي عزم هؤلاء في الخروج علينا أنت وأمثالك، ثم رماه بدواة في يده فشجه، فتسايلت الدماء على وجهه، ثم أمر هارون ألا يستفتى، وجعل للناس عبد الرحيم يفتيهم، ثم رجع هارون لمحمد، قال: وأمر هارون أن تفتش كتب محمد بن الحسن خوفاً أن يكون فيها شيء مما يحض الطالبين على الخروج، فقال لي محمد: يا أبا عبد الله، الله الله في أمري، أحب أن تسبق إلى منزلي، فتحفظ كتبي، لأن لا يلقي فيها ما ليس منها، ففعلت وفتشت كتبه، فلم يوجد فيها شيء إلا فضائل علي عليه السلام مجموعة، فأتي بها إلى هارون الرشيد، فقال: عندنا أكثر من هذا، قال أبو جعفر: فسمعت بكار بن قتيبة يحدث بهذا الحديث عن هلال بن يحيى عن محمد بن الحسن، ويزيد فيه: إن هارون التفت إلى محمد ابن الحسن فقال: هذا أمان لم أكتبه، إنما أمرت من يكتبه، فما تقول في رجل حلف ألا يكتب كتاباً فأمر غيره فكتبه؟ فقال محمد: إن كان هذا الحالف من العامة لم يحنث حتى يتولى ذلك بنفسه، وإن كان سلطاناً حنث، لأن كتاب السلطان هو ما كتب بأمره، قال: فبذلك اشتد غيظ هارون عليه، وفعل به ما فعل.

الصفحة 353