كتاب أثر اختلاف الأسانيد والمتون في اختلاف الفقهاء
آخر الكتاب انتبه الشيخ فَقَالَ: أعد العرض (¬1)، فعرض عَلَيْهِ فَقَالَ: ما سألتموني عَنْ أبي فَقَدْ حَدَّثَنِي سعيد بِهِ، وما سألتموني عَنْ سعيد فَقَدْ حَدَّثَنِي بِهِ أبي، ثُمَّ أقبل عَلَى يوسف بن خالد فَقَالَ: إن كُنْتَ أردت شيني وعيبِي فسلبك الله الإسلام، وأقبل عَلَى حفص فَقَالَ: ابتلاك الله في دينك ودنياك، وأقبل عَلَى مليح فَقَالَ: لا نفع الله بعلمك. قَالَ يحيى: فمات مليح وَلَمْ ينتفع بِهِ، وابتلي حفص في بدنه بالفالج (¬2) وبالقضاء في دينه، وَلَمْ يمت يوسف حَتَّى اتُّهمَ بالزندقة (¬3).
وعلى الرغم من اختلاف العلماء في جواز ذَلِكَ وعدمه (¬4)، إلاّ أنهم استطاعوا أن يحددوا في كثير من الأحيان الفترة الزمنية الَّتِيْ دخل فِيْهَا الاختلاط عَلَى هَذَا الرَّاوِي، كَمَا حددوا اختلاط إسحاق بن راهويه (¬5) بخمسة أشهر، فَقَالَ أبو داود (¬6): ((تغيّر قَبْلَ أن يموت بخمسة أشهر، وسمعتُ مِنْهُ في تِلْكَ الأيام فرميت)) (¬7). وكذلك حددوا وقت اختلاط جرير بن حازم (¬8)، قَالَ أبو حاتم (¬9): ((تغيّر قَبْلَ موته
¬__________
(¬1) العرض: هُوَ القراءة عَلَى المحدث. انظر: مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث: طبعة نور الدين: 122، و294 طبعتنا.
(¬2) قَالَ في المعجم الوسيط 2/ 699: ((شلل يصيب أحد شقي الجسم طولاً))، وانظر: اللسان 2/ 155، وتاج العروس 6/ 159 (فلج).
(¬3) أسنده الرامهرمزي في المحدّث الفاصل: 398 - 399 (408).
(¬4) قَالَ المعلمي في التنكيل 1/ 236: ((والتلقين: هُوَ أن يوقع الشيخ في الكذب ولا يبين، فإن كَانَ إنما فعل ذَلِكَ امتحاناً للشيخ وبيّن ذَلِكَ في المجلس لَمْ يضره))
وسيأتي الْحَدِيْث عَنْ هَذَا في الفصل مبحث القلب، الصفحة.
(¬5) إسحاق بن إبراهيم بن مُحَمَّد الحنظلي، المروزي، أَبُو يعقوب المعروف بابن راهويه، الإِمَام الحَافِظ الكبير، محدث خراسان سكن نيسابور، قرين أحمد بن حنبل، ولد سنة (161 هـ)، وَقِيْلَ: (166 هـ)، ومات سنة (238 هـ)، لَهُ " المسند ". انظر: حلية الأولياء 9/ 234، وسير أعلام النبلاء 11/ 358، وطبقات الفقهاء: 108.
(¬6) هُوَ سليمان بن الأشعث بن شداد الأزدي السجستاني صاحب السنن، وَقَالَ إبراهيم الحربي: ألين لأبي داود الْحَدِيْث كَمَا ألين لداود الحديد، ولد سنة (202 هـ)، وتوفي سنة (275 هـ).
وفيات الأعيان 2/ 404، وسير أعلام النبلاء 13/ 203، والعبر 2/ 60.
(¬7) تاريخ بغداد 6/ 355. وانظر: تهذيب الكمال 6/ 353، وميزان الاعتدال 1/ 183، والمختلطين: 9 (6)، والاغتباط: 3 (8)، والكواكب النيرات: 89 (4).
(¬8) هُوَ جرير بن حازم بن زيد الأزدي، أبو النضر البصري: ثقة لَكِنْ في حديثه عن قتادة ضعف وله أوهام إِذَا حدّث من حفظه. الجرح والتعديل 2/ 504، وسير أعلام النبلاء 7/ 98، والتقريب (911).
(¬9) هُوَ الإمام البارع مُحَمَّد بن إدريس، أبو حاتم الرازي الحنظلي صاحب العلل ولد سنة (195 هـ)، وتوفي سنة (277 هـ).
=