كتاب أثر اختلاف الأسانيد والمتون في اختلاف الفقهاء

حفظهم: عَبْد الله بن لهيعة، أبو عَبْد الرحمان الحضرمي، الفقيه قاضي مصر، كَانَ متقناً لكتابه، قَالَ الإمام أحمد: ((ابن لهيعة أجود قِرَاءة لكتبه من ابن وهب (¬1))) (¬2).
وَقَدْ كَانَ جل اعتماده في روايته عَلَى كتبه، فلما احترقت ضُعِّف في الرِّوَايَة لكثرة ما وجد من الوهم والخطأ في روايته بَعْدَ ذهاب كتبه. قَالَ إسحاق بن عيسى الطباع (¬3): ((احترقت كتب ابن لهيعة سنة تسع وستين)) (¬4). وَقَالَ البخاري (¬5) عَنْ يحيى بن بكير (¬6): ((احترق منْزل ابن لهيعة وكتبه في سنة سبعين ومئة)) (¬7).
وربما يَكُوْن لغياب الكتب نَفْسُ أثرِ فَقْدِ الكتب ويكون مدعاة للوهم والخلاف، فإذا حدّث الرَّاوِي - الَّذِيْ يعتمد في الأداء عَلَى كتابه - في حالة غياب كتبه عَنْهُ، وقع الوهم والخطأ في حديثه، وتحديثه في غَيْر بلده - أَيْضاً - مظنة (¬8) لوقوع ذَلِكَ كَمَا حصل
¬__________
(¬1) عَبْد الله بن وهب بن مُسْلِم القرشي، الفهري أبو مُحَمَّد المصري، الإمام الحَافِظ ولد سنة (125 هـ‍) ومات سنة (196 هـ‍) أو (197 هـ‍)، لَهُ مصنفات كثيرة مِنْهَا: " الجامع " و " المغازي ".
انظر: طبقات خليفة: 297، وتهذيب الكمال 4/ 317، وسير أعلام النبلاء 9/ 223.
(¬2) تهذيب الكمال 4/ 254.
(¬3) إسحاق بن عيسى بن نجيح البغدادي، أبو يعقوب المعروف بابن الطباع، ولد سنة (140 هـ‍)، وتوفي سنة (214 هـ‍) وَقِيْلَ: (215 هـ‍)، لَهُ " التاريخ " وغيره. انظر: تاريخ بغداد 6/ 332، وتهذيب الكمال 1/ 195 - 196 (368)، وتاريخ الإسلام وفيات (215 هـ‍): 65 - 66.
(¬4) تهذيب الكمال 4/ 253.
(¬5) الإِمَام حبر الإسلام إمام الْمُحَدِّثِيْنَ، أَبُو عَبْد الله مُحَمَّد بن إسماعيل بن إبراهيم البُخَارِيّ مولى الجحفيين، ولد سنة (194هـ‍)، صاحب"الجامع الصَّحِيْح" و"التاريخ" و"الأدب المفرد" و"الضعفاء"، توفي سنة (256هـ‍) انظر: تاريخ بغداد 2/ 4، وسير أعلام النبلاء 12/ 390، وشذرات الذهب 2/ 134 - 135.
(¬6) الإِمَام الحَافِظ الثقة أبو زكريا يَحْيَى بن عَبْد الله بن بكير القرشي المخزومي، مولاهم، المصري، ولد سنة (154 هـ‍) وَقِيْلَ بَعْدَ الثلاثين، وتوفي سُنَّةُ (231هـ‍).
انظر: تهذيب الكمال 8/ 56 (7453)،وسير أعلام النبلاء 10/ 162 - 164، وتذكرة الحفاظ 2/ 420.
(¬7) تهذيب الكمال 4/ 254. ويرى بعض العلماء أن كتبه لَمْ تحترق، انظر تفصيل هَذَا في المصدر السابق.
(¬8) مَظِنَّة - بكسر الظاء عَلَى وزن مَفْعِلَة - الشيء الموضع الَّذِيْ يظن كونه فِيْهِ وَهِيَ معدنه، من الظن بمعنى: العلم، قَالَ ابن الأثير: ((وَكَانَ القياس فتح الظاء، وإنما كسرت لأجل الهاء)). انظر: الصحاح 6/ 2160، والنهاية 3/ 164، ولسان العرب 13/ 273 (ظنن)، وتعليقنا عَلَى مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث: 105.

الصفحة 27