كتاب أثر اختلاف الأسانيد والمتون في اختلاف الفقهاء

عثمان بن عفان، قَالَ: قَالَ رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لتؤدنَّ الحقوق إلى أهلها ... الْحَدِيْث)) (¬1).
وَقَدْ صحف فِيْهِ يحيى بن معين، فَقَالَ: ((ابن مزاحم)) - بالزاي والحاء - وصوابه: ((ابن مراجم)) -بالراء المهملة والجيم- (¬2).
ومنه ما رواه الإمام أحمد (¬3)، من طريق شعبة، قَالَ: حَدَّثَنَا مالك بن عرفطة - قَالَ (¬4): وإنما هُوَ خالد بن علقمة - قَالَ: سَمِعْتُ عَبْد خير يحدّث، عن عائشة، عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: ((أنه نهى عن: الدباء (¬5)، والحنتم (¬6)، والمزفت (¬7))).
وَقَدْ أخطأ الإمام شعبة بن الحجاج فصحف في هَذَا الاسم فَقَالَ: ((مالك بن عرفطة))، وصوابه: ((خالد بن علقمة)) كَمَا نبه عَلَى ذَلِكَ الإمام أحمد -كَمَا سبق- (¬8) وَقَدْ رَوَاهُ أبو عوانة، عن شعبة، فأخطأ فِيْهِ كذلك فِيْمَا أخرجه الْخَطِيْب في موضح أوهام الجمع والتفريق (¬9).
ثُمَّ رجع إلى الصواب فِيْمَا أخرجه عَنْهُ الْخَطِيْب في "تاريخ بغداد" (¬10) وَقَالَ: ((عن شعبة، عن خالد بن علقمة، عن عَبْد خير، بِهِ)).

القسم الثاني: التصحيف في الْمَتْن:
ومثاله حَدِيْث أنس مرفوعاً: ((ثُمَّ يخرج من النار من قَالَ: لا إله إلا الله، وَكَانَ في قلبه من الخير ما يزن ذرة)) (¬11).
¬__________
(¬1) أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ في العلل 3/ 64 - 65 س287، وفي المؤتلف والمختلف 3/ 2078 - 2079.
(¬2) مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث: 252، وطبعتنا: 448.
(¬3) في مسنده 6/ 244، وكذلك أخرجه الطيالسي (1538)، وإسحاق بن راهويه (1229) و (1249).
(¬4) القائل هُوَ: عبد الله بن الإمام أحمد راوي المسند عن أبيه.
(¬5) الدباء: القرع، واحدها دُباءة، كانوا ينتبذون فِيْهَا فتسرع الشدة في الشراب، وتحريم الانتباذ في هَذِهِ الظروف كَانَ في صدر الإِسْلاَم ثُمَّ نسخ، وَهُوَ المذهب، وذهب الإمام مالك وأحمد إلى بقاء التحريم. النهاية 2/ 96.
(¬6) الحنتم: جرار مدهونة خضر كانت تحمل الخمر فِيْهَا إلى الْمَدِيْنَة، ثُمَّ اتسع فِيْهَا فقيل للخزف كله حنتم، واحدها حنتمة؛ وإنما نهي عن الانتباذ فِيْهَا لأنها تسرع الشدة فِيْهَا لأجل دهنها. وَقِيْلَ: لأنها كانت تعمل من طين يعجن بالدم والشعر فنهي عَنْهَا من عملها. والأول أوجه. النهاية 1/ 448.
(¬7) المزفت: هُوَ الإناء الَّذِيْ طلي بالزفت، وَهُوَ نوع من القار ثُمَّ انتبذ فِيْهِ. النهاية 2/ 304.
(¬8) وكذا نبه عَلَى هَذَا الوهم في " علله " برواية ابنه 2/ 33 - 34.
(¬9) 2/ 61.
(¬10) تاريخ بغداد 7/ 400.
(¬11) أخرجه أحمد 3/ 116 و173 و276، وعبد بن حميد (1173)، والبخاري 1/ 17 (44) و 9/ 149
=

الصفحة 485