كتاب أثر اختلاف الأسانيد والمتون في اختلاف الفقهاء

تمهيد
تعريف الإسناد لغةً واصطلاحاً:

أ. تعريف السند والإسناد لغة:
السند في اللغة: يطلق عَلَى عدة معانٍ، أشهرها: ما قابلك من الجبل، وعلا عن السفح، والمُعْتَمَدُ: وَهُوَ كلُّ ما يُسْنَدُ إِلَيْهِ ويُعتَمَدُ عَلَيْهِ من حائطٍ وغيره، يقال: فلانٌ سَنَدٌ أي: مُعتَمَدٌ (¬1). قَالَ بدر الدين بن جَمَاعَة (¬2): ((وَهُوَ مأخوذ، إمّا من السند وَهُوَ ما ارتفع وعلا عن سفح الجبل؛ لأن المُسْنِدَ يرفعه إِلَى قائله، أَوْ من قولهم: فلانٌ سندٌ أي: معتمدٌ، فسُمِّي الإخبار عن طريق الْمَتْن سنداً لاعتماد الحُفَّاظِ في صحة الْحَدِيْث وضعفه عَلَيْهِ)) (¬3).
قَالَ الزركشي: ((هُوَ مأخوذ من السند، وَهُوَ ما ارتفع وعلا من سفح الجبل؛ لأن المسند يرفعه إلى قائله، ويجوز أن يَكُوْن مأخوذاً من قولهم: فُلاَن سندٌ أي: معتمدٌ، فسُمِّيَ الإخبار عن طريق الْمَتْن سنداً لاعتماد النقاد في الصحة والضعف عَلَيْهِ. وفي "أدب الرِّوَايَة" للحفيد (¬4): ((أسندت الْحَدِيْث أسنده وعزوته أعزوه، وأعزيه، والأصل في الحرف راجع إلى المسند وَهُوَ الدهر فيكون معنى إسناد الْحَدِيْث: اتصاله في الرِّوَايَة اتصال أزمنة الدهر بعضها ببعض)) (¬5).
والإسناد مصدر للفعل الثلاثي المزيد: أسند، من قولهم: أسندت الْحَدِيْث إلى فُلاَن أسنده إسناداً إذا رفعته (¬6).
¬__________
(¬1) الصحاح 2/ 489، ومقاييس اللغة 3/ 115، والأفعال 2/ 117، واللسان 3/ 220، والتاج 8/ 215 مادة (سند).
(¬2) هُوَ قاضي القضاة بدر الدين أبو عَبْد الله، مُحَمَّد بن إبراهيم بن سعد الله بن جَمَاعَة الكناني الحموي الشَّافِعِيّ، ولد سنة (639 هـ‍)، من مصنفاته: " المنهل الروي " وغيره، توفي سنة (733 هـ‍).
ذيل العبر: 178، نكت الهميان: 235، الدرر الكامنة 3/ 280 - 281.
(¬3) المنهل الروي: 29 - 35، وانظر: الخلاصة: 30، ونكت الزركشي 1/ 405، والبحر الَّذِيْ زخر 1/ 292.
(¬4) هُوَ حفيد القاضي أبي بكر مُحَمَّد بن عَبْد الله بن جعفر كَمَا في المقنع 1/ 110، وهذه الشخصية مجهولة إِذْ لَمْ أستطع العثور عَلَيْهَا في كتب التراجم. والنقل عن هَذَا الكتاب موجود أَيْضاً في محاسن الاصطلاح: 119.
(¬5) نكت الزركشي 1/ 405.
(¬6) انظر: الصحاح 2/ 489، ومقاييس اللغة 3/ 105، والأفعال 2/ 117، ولسان العرب 3/ 220، وتاج
=

الصفحة 57