كتاب أثر اختلاف الأسانيد والمتون في اختلاف الفقهاء

المبحث الأول
الاختلاف لغة واصطلاحاً
المطلب الأول
تعريف الاختلاف لغة
الاختلاف: افتعال مصدر اختلف، واختلف ضد اتفق، ويقال: ((تخالف القوم واختلفوا، إذا ذهب كُلّ واحد مِنْهُمْ إلى خلاف ما ذهب إليه الآخر)).
ويقال: ((تخالف الأمران، واختلفا إذا لَمْ يتفقا وكل ما لَمْ يتساو: فَقَدْ تخالف واختلف)).
ومنه قولهم: اختلف الناس في كَذَا، والناس خلفة أي مختلفون؛ لأن كُلّ واحد مِنْهُمْ ينحي قَوْل صاحبه، ويقيم نفسه مقام الَّذِيْ نحّاه (¬1). ومنه حَدِيْث النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: ((سَوّوا صفوفكم ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم)) (¬2).
وبعد أن ساق الزَّبِيديُّ (¬3) هَذَا الْحَدِيْث قَالَ في معناه: ((أي: إذا تقدّم بعضُهم عَلَى بَعضٍ في الصُّفُوفِ تأثرت قُلوبُهم، ونشأَ بينهم اختلافٌ في الأُلْفَةِ والموَدَّةِ)) (¬4).
ويستعمل الاختلاف عِنْدَ الفقهاء بمعناه اللُّغويِّ.
أمّا الخِلافُ - بالكسر - فهو المُضَادّةُ، وَقَدْ خالَفَهُ مُخالَفَةً وخِلافاً كَمَا في اللسان (¬5).
والخِلافُ: المُخَالَفَةُ، قَالَ تَعَالَى: {فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ
¬__________
(¬1) مقاييس اللغة 2/ 213، والقاموس المحيط 3/ 143، ولسان العرب 9/ 91، والمصباح المنير: 179 (خلف).
(¬2) أخرجه الطيالسي (741)، وعبد الرزاق (2431)، وأحمد 4/ 285 و 297 و 304، والدارمي (1267)، وأبو داود (664)، والنسائي 2/ 89 - 90، وفي الكبرى لَهُ (885)، وابن خزيمة (1551) و (1552) و (1556) و (1557)، وابن حبان (2160) وفي طبعة الرسالة (2161)، والبيهقي 3/ 103، والبغوي (818) من حَدِيْث البراء بن عازب: وَهُوَ حَدِيْث صَحِيْح.
(¬3) هُوَ مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَبْد الرزاق الحسيني، الزبيدي، أبو الفيض، الملقب بالمرتضى، برع في اللغة والحديث والأنساب، لَهُ عدة مصنفات مِنْهَا: " تاج العروس "، و " إتحاف السادة المتقين " وغيرها. ولد سنة (1145 هـ‍)، وتوفي سنة (1205 هـ‍).
الأعلام 7/ 70،ومعجم المؤلفين 11/ 282.
(¬4) انظر: تاج العروس 23/ 275 (خلف).
(¬5) اللسان 9/ 90 (خلف)، طبعة دار صادر.

الصفحة 9