كتاب حركة التجديد والإصلاح في نجد

في الليل يأخذون الأجرة ويحترفون، وفي النهار يجلسون عند الشيخ في درس الحديث والمذاكرة"1
وكان قيام هذه المدرسة العلمية الإصلاحية في نجد في فترة عصيبة قد عم فيها الجهل وفشا المنكر وكثر البلاء واختلط فيها الحق بالباطل واندرست فيه معالم الهدى.
فكانت هذه الدعوة في ذلك الوسط العلمي المتخلف كالنور الكاشف في دياجير الظلام. يصف ذلك ابن بشر رحمه الله بقوله: "ولما استوطن الشيخ الدرعية وكانوا في غاية الجهالة وما وقعوا فيه من الشرك الأكبر والأصغر والتهاون بالصلاة والزكاة ورفض شعائر الإسلام فتخولهم الشيخ بالأمر بالمعروف النهي عن المنكر ثم أمرهم بتعلم معني لا إله إلا الله وأنها نفي وإثبات" ومضى في تعديد ما جاء به الإمام ودعا إليه حتى قال: "ثم معرفة البحث وأن من أنكره أو شك فيه فهو كافر"2
ولم تكتف هذه الدراسة العلمية بالتعليم في المسجد وجمع الأنصار حولها بهذه الوسيلة وحدها بل دخلت في الدرعية خاصة وسيلة أخرى وهي بعث الرسائل ودعوة الناس بواسطتها إلى الاستجابة لهذه الدعوة ودعوة طلاب العلم للوفود على الدرعية لمعرفة حقيقة ما تدعو إليه هذه المدرسة العلمية من فهم جديد لنصوص الشرع المطهر وبهذه الوسيلة الجديدة إلى جانب توسيع التعليم وتحقيق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مجتمع الدرعية وما يتبعها انتشر أمر هذه المدرسة وانقسم الناس حولها إلى مؤيدين ومعارضين.
وفي هذه المدرسة العلمية الإصلاحية التي قامت بالتعليم في رحاب المساجد أو بالرسائل العلمية والمواعظ الدينية والمقابلات لطلاب العلم والمذاكرة معهم توسع أثر هذه المدرسة حتى خرجت القضاة والمفتين والوعاظ وأئمة المساجد وخطباء الجمع وسدت بهم حاجات الدعوة ولبت مطالب المجتمع، يقول الشيخ ابن بشر رحمه الله:
__________
1 عنوان المجد في تاريخ نجد للشيخ عثمان بن بشر ج1 ص 13.
2 المرجع السابق ج 1ص 14.

الصفحة 204