كتاب حركة التجديد والإصلاح في نجد

"وأخذ عنه – أي الإمام- بعد ذكر القضاة- ممن لم يل القضاء من الرؤساء والأعيان ومن دونهم الجم الغفير وكان له رحمه الله تعالى من الرأي والفراسة والتدبير ما ليس لغيره. وكان كثيرا ما يلهج بقوله تعالى: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} " 1
وظلت هذه المدرسة العلمية الدينية الإصلاحية تعطي ثمارها الطيبة في مجتمعها المسلم جيلا بعد جيل حتى يومنا الحاضر وتركت لنا من الآثار العلمية والسيرة العملية المتمثلة في سير الصالحين من أتباع هذه الدعوة الإصلاحية عبر تاريخها الطويل ما يعين على السير على الطريق الصحيح والنهج القويم، رحمهم الله جميعا رحمة واسعة وجزاءهم عن هذه الأمة خير ما يجزي به عباده الصالحين وجعل الله هذا الخير باقيا في عقبهم إلى يوم الدين.
1- تجلية بعض المفاهيم:
وكان من نتائج حركة التجديد والإصلاح في العصر الحديث تجلية بعض المفاهيم الإسلامية ومحاربة الانحراف في الدين عما أراد الله به من إصلاح النفوس وتصحيح العقيدة وتقويم السلوك وتحقيق مقاصد الشريعة في الخلق.
ولهذا فقد عنيت هذه المدرسة بأصول الدين وفروعه وإزالة ما أصاب هذه المفاهيم من انحراف في فهم المراد بها والعناية بتحديد معانيها وما يدخل فيها وما يخرج منها من انحراف وما يضادها أو ينتقص من كمالها. واستعمل في ذلك وسائل التعليم والتربية المختلفة في تقرير هذه المعاني بالتعليم والتوجيه والتأليف والرسائل وغيرها مما سبقت الإشارة إليه، فألف في أصول الدين الرسالة المعروفة بثلاثة الأصول وهي تدور حول تحقيق أصول الدين الثلاثة: توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية والولاء والبراء وتعريف
__________
1 عنوان المجد في تاريخ نجد للشيخ عثمان بن بشر ج1 ص 95.

الصفحة 205