كتاب حركة التجديد والإصلاح في نجد

ولهذا فإن هذه الحركة بتعظيمها للنصوص الشرعية واحترامها للعقل ودعوته إلى الاستقلال في الأخذ والعطاء في إطار فهم الدليل الشرعي وأصول الاجتهاد الفقهي المعتبرة وبما يقتضيه اللسان العربي الذي نزل به الشرع ووزن أقوال الرجال وأفعالهم بميزان الدليل الشرعي ومراد الله منها مهما كانت مكانتهم في الدين ومنزلتهم في العلم وأن العصمة لا تكون إلا لصاحب الرسالة صاروا يقولون ويقررون أن القول إذا جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلى العين والرأس، وإذا جاء عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم باعتبارهم أفضل هذه الأمة بعد نبيها وأنهم عاصروا نزول الوحي وعرفوا أسبابه ومناسباته وهم أهل اللسان العربي الفصيح فعلى العين والرأس. أما إذا جاء القول أو الرأي عمن دونهم قالوا هم رجال ونحن رجال مع احترامهم لأئمة الهدى في كل العصور الإسلامية عامة وفي القرون الثلاثة المفضلة على وجه الخصوص.
1- القدوة الحسنة في العلماء:
لم تكن حركة الإصلاح والتجديد في نجد مجرد مدرسة علمية نظرية تقرر العلوم الإسلامية وتزيد الناس فهما لها وحصيلة علمية منها لا تأثير لها في واقع الحياة وممارسة الناس، ولكنها كانت حركة علمية وعملية في آن واحد تقرر مبادئ الإسلام كما أرادها الله في نصوص شرعه وتمارسها في الحياة العامة ممارسة عملية محسوسة في حياة شيوخها وتلاميذها وأتباعها. وتوظف معطيات هذا العلم في حياة الناس بدءا بالقدوة الحسنة والمثال الكريم في التقوى والصلاح والعبادة والورع والزهد فيما أيدي الناس والثقة بما عند الله وفي الأخذ والعطاء في البيت والطريق والتعليم والعمل والتعامل واختيار عيش الكفاف وفي تعدية النفع إلى الآخرين في أمور الدين والدنيا جميعا والصبر على الأذى في سبيل الله وأخذهم هذا الدين رسالة إلى الناس وجعل حياتهم في خدمته أينما حلوا.
ولا يكون من لمبالغة في شيء إذا قلت إن إمام هذه الدعوة وكبار تلامذته وشيوخ مدرسته قد أعادوا بسيرتهم العطرة سيرة السلف الصالح في صلتهم بالله بتحقيق التوحيد وفهم الإسلام والتبتل في الطاعة والمحافظة على العبادة فرضا ونافلة

الصفحة 215