كتاب حركة التجديد والإصلاح في نجد

وفي مجال الحرف والصناعات المحلية: نشط الصناع في إنتاج ما يحتاجه الناس في حياتهم اليومية في مجال الزراعة والنسيج وصنع الأواني إذ صارت تدر عليهم أرباحا مناسبة لشدة الحاجة إليها وعدم وجود البدائل المستوردة وتوسعت حاجة المجتمع في كل هذه الحاجات فكانوا يأخذون بهذه الصناعات في كثير من الأحيان عروضا للمزارع من منتجاته والتاجر من بضائعه وصاحب النقد بالنقد. وما لم يستطع بيعه في مقر إقامته صار يبعث به إلى الأسواق المحتاجة ولا يخشى أحدا في طريقه أو محل ترحاله. والتجارة التي توقفت أو كادت إلا في شكل حملات كبيرة جدا في فترات متباعدة وبرفقة أعداد كبيرة من الرجال المسلحين، لما توافر لها الأمن والأمان في السبل والمورد والمصدر وتوافرت الأسواق المفتوحة والتجارات الرابحة بدأت تدب فيها الحياة شيئا فشيئا حتى انفتحت لها آفاق الازدهار بما تحقق من تأمين السبل للأسواق وتوفر أسباب الامتداد الحر للضرب في الأرض وبذلك حيت أسواق التجارة وازدهرت في كبريات مدن البلاد التي أظلتها هذه الحركة الإصلاحية. ولما سدت أبوب الرزق الحرام في هذه البلاد بمنع قطع الطريق والغارات والسطو والنهب والسلب. وفتحت أبواب الزرق الحلال المتمثلة في الزراعة والصناعة والحرث وأنواع التجارة والوظائف العامة والمقررات السنوية أو الشهرية لبعض العاملين في مصالح الناس. كل ذلك تآزر في نمو الحياة الاقتصادية وازدهارها وإيجاد القناعة والغناء بهذه الأبواب الحلال عن الكسب الحرام. فكان ذلك ثمرة من ثمار هذه الحركة الإصلاحية تحقق في ظلها نمو القوى البشرية، وتحقق قدر من السعة للفرد لم يكن متوفرا له من قبل، وصار الناس يبحثون عن مزيد من الرخاء والرفاه للإنسان في ظل دولة إسلامية منيعة الجانب حارسة للدين محققة للعدل.
وقد وصف الشيخ ابن بشر الدرعية قبل أن يدخلها الشيخ إبراهيم باشا ويهدمها فقال: "كانت قوة هذا البلد وعظم مبانيها وقوة أهلها وكثرة رجالها وأموالها لا يقدر الواصف صفتها ولا يحيط العارف بمعرفتها فلو ذهبت أعد رجالها وإقبالهم فيها وإدبارهم في كتائب الخيل والنجائب العمانيات وما يدخل على أهلها من أحمال الأموال من سائر الأجناس التي لهم مع المسافرين من أهلها ومن أهل الأقطار لم يسعه

الصفحة 231