كتاب اللغة العربية معناها ومبناها

قوامها بعض المفردات المرتجلة التي يراعى في ارتجالها ألّا يفهم غيرهم ممن يتصل بهم. وقد عودنا المسرح عند التصدي لتصوير هذا النوع من العلاقة الاجتماعية على توقع أن يكون لكلِّ دور من أدوار أفراد هذه المجموعة مفردات خاصة وأسلوب خاص في الأداء الحركي.
وللطالب في مدرسته دور محدَّد الكلمات والحركات, فلو أننا رأينا قصة طالب في مدرسة ثانوية يريد أن يوقد لنفسه سيجارة فلا يجد ما يوقدها به, ويلمح الطالب ناظر المدرسة عن بعد فيذهب إليه ويقول: "تسمح بالولاعة؟ " فلا ينبغي عند تحلي هذه العبارة وتحديد معناها أن نكتفي منها بما يدل عليه الفعل والجار والمجرور المؤنث, أو بأن أسلوب الجملة هو الاستفهام الدال على التماس, أو أن أداة الاستفهام قرينة لفظية أغنت القرائن الأخرى عن ذكرها طبقًا لمبدأ الترخص في القرينة الذي أشرنا إليه من قبل, فهذا النوع من التحليل المقالي مهما كان دقيقًا فلن يصل بنا إلى أهمِّ عنصر من عناصر معنى هذه الجملة, وهو أنها تدل على "سوء تربية", وهو عنصر لا يمكن الوصول إليه إلّا بفهم دور كل من الطالب والناظر في مجتمع المدرسة, ثم يفهم "المقام" الذي تَمَّ فيه "المقال" في حدود العلاقة الاجتماعية المحددة بين الناظر والطالب, ثم ما في هذا المقام من عدم التناسب بين المقال وبين هذين الدورين الاجتماعيين. ومما يقع على عاتق ناظر المدرسة في هذا المقام -باعتبار ذلك جزءًا من دوره الاجتماعي- أن يبادر بتأديب هذا الطالب ويردَّه إلى مطابقة معايير العرف الاجتماعي الذي يحكم سلوك كل من أعضاء مجتمع المدرسة حيال الآخر.
ولعضوية نادٍ بعينه نمطية أو معيارية خاصة في السلوك تحددها من الناحية الرسمية لائحة النادي, ومن الناحية الاجتماعية علاقات الأعضاء داخل النادي بعضهم ببعض, وعلاقتهم في معترك الحياة العامة خارج النادي. ولقد أصبح من نمطية سلوك أعضاء النوادي بصفة عامة حيث التظاهر بالجاه والغنى والتسامي الاجتماعي, وقد ينعكس هذا على كل ما يقوله العضو أو يفعله تقريبًا. ومن هذه النمطية في الوقت الحاضر التخفف من القيود التي يفرضها العرف التقليدي خارج النادي على الأفراد بالنسبة لقضايا السفور والاختلاط

الصفحة 358