كتاب التنبيهات المستنبطة على الكتب المدونة والمختلطة (اسم الجزء: 2)

قوله (¬1): "ومن طلب التأخير منهما فذلك له" إلى آخر الكلام، ليس من كلام ابن القاسم، إنما هو من كلام سحنون تفسيراً لأحد قولي مالك المتقدم (¬2). إلى هذا ذهب بعضهم (¬3)، وهو الذي رجح شيخنا أبو الوليد (¬4) وذكر أن في رواية بعض الشيوخ أول الكلام (¬5): "قال سحنون: ومن طلب التأخير"، واستدل بمناقضة هذا لأول الكلام المتقدم لابن القاسم في التخيير للمسلم. والذي ذهب إليه فضل بن سلمة (¬6) وغيره - وعليه اختصر أبو محمد وسائر المختصرين (¬7) - أن الكلام كله لابن القاسم وأنه مذهبه في الكتاب، كأحد قولي مالك، فهذه ثلاثة أقوال في الكتاب.
القول الرابع: التفريق بين أن يكون قبض أكثر السلم، فيجوز له أن يؤخره إلى قابل، أو إنما قبض أقله، فلا يجوز له التأخير، وليس إلا المحاسبة، حكاه ابن يونس (¬8) عن مالك (¬9). وهذا لا وجه له، ولو كان بالعكس كان أشبه في النظر والقياس وأسعد بلفظ الكتاب لقوله (¬10): "لا بأس أن يأخذ بقية رأس ماله"، فدل أنه قبض بعض سلعته، وأن التأخير هو الواجب مع القبض لئلا يتهما ببيع وسلف (¬11). ولهذا منع في القول الأول من المحاسبة وأجازها في الثاني، لأن انقطاع الثمرة ترفع (¬12) التهمة. فعلى
¬__________
(¬1) المدونة: 4/ 11/ 1.
(¬2) زاد في ق: ذِكْرهما.
(¬3) عزاه عبد الحق في النكت إلى بعض القرويين وكذلك في المقدمات: 2/ 25 وفيها أنه في بعض الأمهات من قول سحنون مكشوفاً.
(¬4) في المقدمات: 2/ 25.
(¬5) المدونة: 3/ 123/ 7 من طبعة دار الفكر.
(¬6) انظر المقدمات: 2/ 25.
(¬7) كالبراذعي: 249 - 250.
(¬8) عزاه له في التوضيح: 1/ 220.
(¬9) وحكاه ابن بشير عن ابن القاسم كما في التوضيح: 1/ 220.
(¬10) المدونة: 4/ 11/ 3.
(¬11) إزاء هذا في حاشية ز: حققه. وفوقها: كذا بخطه.
(¬12) فوق هذه الكلمة في ز: كذا، وفي س وع: يرفع، وفي ق: يقطع.

الصفحة 1047