كتاب التنبيهات المستنبطة على الكتب المدونة والمختلطة (اسم الجزء: 2)

أنه يجوز بالتحري. ولو كان الطير الواحد يقتنى لم يجز على مذهب ابن القاسم (¬1) وجاز على مذهب أشهب. وعليه حمل بعضهم مسألة ربيعة وعلى أنها كلها أحياء.
وقول ربيعة (¬2) في الغزل بالكتان: "إنه بمنزلة الحنطة بالدقيق"، قال ابن أبي زمنين (¬3): معناه أن الغزل ليس بصناعة تغير الكتان حتى يجوز سلم أحدهما في الآخر، كما أن الطحين ليس بصناعة يجوز ذلك فيها (ذلك) (¬4) مع القمح. قال: وقوله (¬5): "وهذا (¬6) يبين ما بينهما من الفضل"، يعني أن الحنطة تريع فبان الفضل فيها. وقوله (¬7): "ولذلك كره إلا مثلاً بمثل"، أي ومع ذلك كره الدقيق بالحنطة إلا مثلاً بمثل، لخفة مؤونة (¬8) الطحن، أي فهذا الكتان إذا غزل كانت قيمة رطله أكثر منه قبل غزله، ومع هذا فبيع بعضه ببعض لا يجوز (¬9). ورد أبو عمران "ولذلك" بمعنى: مع ذلك (¬10). وقيل أيضاً: إن قوله: "وهذا يبين ما بينهما" راجع إلى مسألة الحنطة بالسويق أو بالخبز أو الثياب بالغزل التي تقدمت.
¬__________
(¬1) انظر قوله في البيان: 7/ 205.
(¬2) المدونة: 4/ 22/ 3.
(¬3) نقل عبد الحق في النكت هذا النص بما هو أطول من هذا عن بعض الأندلسيين.
(¬4) كذا تكررت الكلمة في النسخ وسقطت من خ. والنص في النكت كالتالي: ليس بصناعة تغير القمح حتى يجوز أن يباع الدقيق بالقمح متفاضلا.
(¬5) المدونة: 4/ 22/ 3.
(¬6) كذا في ز وق وس وع وم وهو ما في النكت، لكن إنما ألحقت الواو في ز وق، ووردت العبارة بعد بواو في النسخ. وفي الطبعتين: وهذا؛ طبعة دار الفكر: 3/ 129/ 14.
(¬7) المدونة: 4/ 22/ 2.
(¬8) في خ وق وم وع وس: مؤنة.
(¬9) هنا انتهى كلام ابن أبي زمنين. انظر النكت.
(¬10) هذا التأويل عزاه عبد الحق أيضاً لمن نقل عنه في النص السابق وقال: لغة موجودة، ومنه قول تميم: [أو كلمة تشبهها كما قال المحقق]:
فلما تفرقنا كأني ومالكاً ... لِطول اجتماع لم نَبِتْ ليلةً معاً
أي مع طول اجتماع؛ اللام بمعنى: مع.

الصفحة 1054