كتاب التنبيهات المستنبطة على الكتب المدونة والمختلطة (اسم الجزء: 2)

مالك في "المنتخبة" من منعه لأنه رقيق كله. وليس في "المدونة" ما يستدل به على المسألة إلا هذا اللفظ (¬1).
وقوله (¬2) في الذي أسلم "إلى رجل دراهم في طعام، فلما حل الأجل قال له الذي عليه الطعام: خذ هذه الدراهم، فاشتر بها طعاما من السوق ثم كله ثم استوف حقك منه، قال: لا يصلح هذا، وسواء دفع إليه دنانير أو دراهم أو عرضاً من العروض، لأنه بيع الطعام قبل أن يستوفى". ثم ذكر بعد في الباب الآخر: إذا قال له (¬3): "خذ هذه الدنانير فابتع بها طعامك (¬4) أو سلعتك: إذا كان مثل الثمن الذي دفع إليه في عينه ووزنه فلا بأس به، وإن كان أكثر (¬5) فهو حرام لأنه غير إقالة.
أنا أبو محمد بن عتاب أن يحيى - أراه ابن عمر - ذهب إلى أن المسألتين سواء، وأن أحدهما (¬6) مفسرة للأخرى. وعلى هذا اختصرها المختصرون. وأن غير (¬7) يحيى ذهب إلى أنهما مفترقتان، وأن الأولى ظاهرها أنه لا يجوز وإن اتفق الثمنان، لأنه قال له: اشتر لي. وكذا كرر الكلام فيها في الكتاب وكرر لفظة "لي"، فيتهمه أن يمسك الثمن عنده عن الطعام الذي أمره بشرائه له، فهو بيع الطعام قبل استيفائه على كل حال. والمسألة الأخرى إنما قال له: اشتر لنفسك، لقوله: طعامك، فهو إذ (¬8) دفع إليه مثل الثمن فإنما يتهمه على إمساكه عوضاً من طعامه الذي أمره بشرائه
¬__________
(¬1) قال في الذخيرة 5/ 234: أجازه ابن القاسم نظراً لأصولهما، ومنعه أشهب نظراً للمنفعة.
(¬2) المدونة: 4/ 94/ 9.
(¬3) المدونة: 4/ 96/ 2.
(¬4) خرج في ق وكتب ما لعله: مثل طعامك.
(¬5) في الطبعتين: أقل؛ انظر طبعة دار الفكر: 3/ 170/ 11.
(¬6) كذا في ق وم وص وع والتقييد: 3/ 115، وفي حاشية ز أنها كذلك بخط المؤلف وأصلحها الناسخ: إحداهما. وهو ما في خ. وهو المناسب.
(¬7) عزا الباجي في المنتقى: 4/ 303 هذا لابن لبابة.
(¬8) في ق: فهذا إذا دفع.

الصفحة 1096