كتاب التنبيهات المستنبطة على الكتب المدونة والمختلطة (اسم الجزء: 1)

في الحمل لم تحتج إلى الاستظهار؛ لأنا قد علمنا أن الحمل موجب التغير - وقد حققناه - فلا تستظهر (¬1). وبهذا ردوا الرواية الأخرى؛ لأنها عكس النظر وضد الصواب ونقضٌ لقوله بعده: "هي من أول ما حملت على حيضتها".
وذهب أبو عمران (¬2) إلى تصحيح رواية: "إلاَّ أنْ"، أي أنها (¬3) لم تحقق حملها, ولم (¬4) تنتقل عن حالها إلا بيقين، قال: وقد وقعت كذا منصوصة لمالك في حامل استحيضت فشكت أن تكون أسقطت، قال: هي على حيضتها، فكأَن أشهب لما حكى قول ابن القاسم في نفي (¬5) استظهارها قال: وكذلك أقول أنا، إلا أن تكون استرابت من حملها.
قال القاضي: لكن يظهر لي وجه يوفق بين الروايتين - إن شاء الله - فيحمل قوله: إلا أن تكون استرابت من حيضتها شيئاً، أي الآن. ثم قال: "هي من أول ما حملت على حيضها"، أي لم تستربه قبل من أول الحمل، فلما كان الآن استرابت حيضها؛ إما بضعف (¬6) الدم في صورته ولونه، أو قلته أو اتصال جريه، أو تغيراً (¬7) في نفسها أو توجع (¬8) تجد معه، أو غير هذا من خلاف عادتها قبل (¬9)، فتستظهر ها هنا، فانظره (¬10).
¬__________
(¬1) هذا تفسير عبد الحق لهذه الرواية في النكت نقلاً عن شيوخه.
(¬2) ذكر عبد الحق في التهذيب: 1/ 40 أأن بعض القرويين التمس لهذه الرواية وجهاً، لكن ليس كما قال أبو عمران هنا.
(¬3) في ق: روايته إلا أنه رأى أنها، وفي ط سقط: أنها لم.
(¬4) في ق وس والتقييد: 1/ 110: فلا.
(¬5) في س وح وم: ابن القاسم نفى.
(¬6) في ق: لضعف.
(¬7) كذا في خ وق وع وح وم وط، وفي ل والتقييد: 1/ 110: تغيير. ويبدو أن الصواب: تغير.
(¬8) كذا في خ وم ول، وفي س وح والتقييد: وتوجع، وفي ق: بتوجع.
(¬9) كذا في خ، وفي ق: قيل، وحذفت الكلمة من باقي النسخ. والصواب: قبل.
(¬10) خطأ عبد الحق في النكت الرواية الثانية ظاناً سقوط حرف "لا" منها وأشار إلى هذا في التهذيب: 1/ 40 أ، منبها على أن بعض القرويين التمس لها تأويلا.

الصفحة 118