كتاب التنبيهات المستنبطة على الكتب المدونة والمختلطة (اسم الجزء: 1)
ولم يلزم هذا غيره. وقال (¬1): ظاهر الكتاب خلافه في المسألة التي تأتي بعد هذا، وذلك قوله (¬2): "لا ينبغي للرجل أن يبتدئ صلاته بالركوع، وذلك يجزئ من خلف الإِمام". نبه بعض الشيوخ (¬3) أنه يدل من قوله هذا أن للمأموم أن يبتدئ صلاته بالركوع، وقال: إنه كالنص من قوله هنا، وأن المأموم بخلاف الإِمام والفذ؛ إذ إخلال المأموم بالقراءة لا يفسد صلاته، وقاس على هذا بعضهم الفذ والإمام على القول: إنه ليس فرضه (¬4) القراءة في كل ركعة. واستدل بعضهم بهذا القول أن الإِمام يحمل عن المأموم تكبيرة الافتتاح، قال والقيام إنما يراد لها. وهذا على رواية ابن وهب (¬5) عن مالك أن تحريم الإِمام يجزئ فيها عن المأموم، وكله خلاف المشهور وما نص عليه في كتاب محمَّد (¬6) وغيره.
وكذلك اختلفوا في تأويل قوله (¬7): إذا لم ينو بتكبيرة الركوع تكبيرة الافتتاح أنه يتمادى ويعيد؛ فقيل (¬8): معناه أنه أوقع تكبيرة الافتتاح حال القيام أيضاً، وإلا فلا يصح له التمادي. وقال غيره (¬9): ذلك سواء لأنها
¬__________
(¬1) يبدو أن القائل هو الطرف المخالف (غيره).
(¬2) المدونة: 1/ 64/ 8.
(¬3) هذا هو القول النظير للسابق، وهو التكبير مع الانحطاط للركوع، وهو مذهب الباجي في المنتقى: 1/ 144. وبعض الشيوخ المبهم في كلام عياض لعله ابن أبي صفرة، قال المازري: كان شيخنا أبو محمَّد عبد الحميد يحكي عن بعض الناس، وأظنه ابن أبي صفرة، أنه كان يقول: في المدونة ما هو كالنص على أن تكبيرة الإحرام ليس من شرطها القيام .. (شرح التلقين: 2/ 503 الرهوني: 1/ 376).
(¬4) في حاشية الرهوني: 1/ 376: فرضهما.
(¬5) هذه الرواية في سماع ابن وهب كما في التبصرة: 1/ 28 ب، وذكر ابن رشد أن أشهب أيضاً روى مثل هذا، ورده بأنه شذوذ في المذهب. (المقدمات: 1/ 160).
(¬6) قال في الجامع: 1/ 86: وكل سهو أو عمد يحمله الإِمام عن المأموم، وإن كان التكبير كله إلا تكبيرة الإحرام، والسلام ... وانظر النوادر: 1/ 344.
(¬7) المدونة: 1/ 63/ 11.
(¬8) ذكر عبد الحق هذا في النكت، وانظر المنتقى: 1/ 145.
(¬9) لعل الأولى أن يقال: "وقيل".