كتاب التنبيهات المستنبطة على الكتب المدونة والمختلطة (اسم الجزء: 1)

لتنظف وتحسن، ويرفع حكم الحدث عنها لتستباح بها (¬1) العبادة الممنوعة قبل. أو تطهير ما فيه نجس لإزالة حكمه واستباحة العبادة به.
ولما كان الحدث مانعاً من ذلك أشبه النجس، وصارت هذه الإزالة تحسيناً وتنظيفاً منه. وأصله (¬2) في وضع اللغة هذا / [خ 3].
والوضاءة: الحسن والنظافة؛ يقال: وجه وضيء أي نظيف سالم مما يشين حسنه. وعلى الأصل اللغوي ومجرد التنظيف استعمل في الوضوء قبل الطعام ومما مست النار - عندنا - وغير ذلك.
وأما الطهارة فأصلها النزاهة والتخلص من الأنجاس والمذامِّ (¬3)؛ ومنه قوله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4)} (¬4)، على تفسير: قلبك (¬5) أو نفسك، أي خلِّصها ونزِّهها عن الآثام وأنجاس المشركين. وقولُه تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33)} (¬6). وقولُه عز وجل: {وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} (¬7). وقولُه تعالى: {اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ} (¬8)، كله من البعد من العيب والتنزيه عنه والتخلص (¬9) منه.
وهي في عُرف الفقه والشرع إزالة الدنس أو النجس أو ما في معناه (¬10) من الحدث، بالماء أو ما في معناه. ولا يعترض على هذا (¬11)
¬__________
(¬1) كذا في جميع النسخ، ولعل الصواب "به" ومرجع الضمير "تطهير".
(¬2) في ق وم ول: وأصلها.
(¬3) في م ول: والآثام، وكذلك كانت في ق، ثم أصلحت: والمذام.
(¬4) المدثر: 4.
(¬5) قاله ابن عباس وقتادة في تفسير القرطبي: 19/ 63.
(¬6) الأحزاب: 33.
(¬7) آل عمران: 55.
(¬8) آل عمران: 42. والآية هكذا: {يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ (42)} يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين. وفي النسخ: واصطفاك.
(¬9) في ع وس ول وم: والتخليص.
(¬10) هذا التعريف عند المازري في شرح التلقين: 1/ 118.
(¬11) هنا تبدأ النسخة ز.

الصفحة 21