كتاب التنبيهات المستنبطة على الكتب المدونة والمختلطة (اسم الجزء: 1)

"بمقدم رأسه" (¬1)، وعلى هذا ذكر هذا الحرف بعض المختصرين للمدونة / [ز1] من القرويين. وهي رواية ابن المرابط. و"مِن" أبين على مشهور مذهبنا وظاهرِ اللفظ؛ لأنها لابتداء الغاية.
وعلى هذين (¬2) الروايتين اختلف عمل (¬3) الشيوخ في مسح الرأس: هل يبتدئ بالناصية ثم يقبل على (¬4) الوجه ثم يدبر إلى آخره، على مقتضى ظاهر قوله: "فأقبل بهما وأدبر" (¬5). أو يبتدئ من أول منابت شعر الرأس ويقبل منه على مسح رأسه إلى آخره ثم يدبر، أي يرجع من دبر رأسه إلى حيث بدأ. ويكون قوله: "بدأ من مقدم رأسه" تفسيراً للإقبال، و"ردهما" (¬6) تفسير (¬7) للإدبار. أو على أن الواو لا ترتب (¬8). ويؤيد هذا التأويل نصه في بعض طرق البخاري (¬9): "فأدبر بهما وأقبل".
ومقدَّم الرأس ومؤَخَّره، بفتح ثانيه وتشديد الدال والخاء، هو (¬10) معروف كلام العرب. وعندهم لغة أخرى: مقدِم وموخِر مخفف الثاني مكسور الثالث (¬11).
¬__________
(¬1) هذا ما في طبعة دار صادر: 1/ 3/ 5.
(¬2) كذا في ز مكتوبا عليها علامة التصحيح، وفي خ أيضاً، ولعلها كذلك في س، وفي سائر النسخ: هاتين. وهو الظاهر.
(¬3) في ق: عن، وفي م: على، وفي س ول: اختلف الشيوخ.
(¬4) في خ وق وم: إلى.
(¬5) المدونة: 1/ 3/ 5.
(¬6) المدونة: 1/ 3/ 6.
(¬7) في خ وق وس: تفسيرا. وهو محتمل.
(¬8) قال الباجي: "وهذا أصح هذه الأقوال". (المنتقى: 1/ 37). كما رجحه المؤلف في إكمال المعلم: 2/ 27.
(¬9) الذي فيه: "فأدبر به وأقبل"، كتاب الوضوء، باب الوضوء من التور. وليس في النسخة اليونينية (1/ 61) هذه الصيغة التي ذكرها المؤلف.
(¬10) في خ وم: وهو.
(¬11) قال الخليل: "لم يأت في كلامهم: مقدم ومؤخر بالتخفيف إلا مقدم العين ومؤخرها. العين: قدم. وانظر المشارق: 2/ 173. وكذا في تثقيف اللسان: 165. وقد عزاه المؤلف لابن مكي هذا في الإكمال: 1/ 260.

الصفحة 26