كتاب التنبيهات المستنبطة على الكتب المدونة والمختلطة (اسم الجزء: 1)

شيوخنا (¬1): ولعله تأوله على ظاهر قوله هذا وليس كذلك، قد جاء تفسير مذهبه آخر الباب من رواية ابن وهب قال: "وأحب إلي أن يغسل ثلاثاً (¬2) كما قال عليه السلام: ثلاثاً أو خمسا" (¬3)، قال: وقد يحتج من يجعل هذا خلافاً لقول ابن القاسم بقوله آخر الباب (¬4): هذه رواية ابن وهب.
وقوله (¬5): "يجعل على عورة الميت خرقة عند غسله"، ذهب بعض المتأخرين (¬6) إلى أن المراد السوءتين (¬7) وليس في الكتاب ما يدل على مراده، بل لو قيل فيه ما يدل على القول الآخر: إن العورة من السرة إلى الركبة (¬8) لكان للقول بذلك وجه؛ لأنه قال بأثر ذلك (¬9): "ويفضي بيده الذي يغسله إلى فرجه إن احتاج إلى ذلك"، فلو كانت العورة هي نفس السوءة والفرج - كما قال - لما جاء بذكر الفرج بلفظ آخر، ولو كان استدلاله بقوله بعد هذا في غسل المرأة زوجها، وقوله (¬10): وتفعل به ما يفعل بالموتى، لأن الموتى تستر عوراتهم (¬11)، - وفي بعض النسخ: فروجهم (¬12) - لكان
¬__________
(¬1) لعله المازري، انظر شرح التلقين: 3/ 1119 وشرح القباب لقواعد المؤلف: 234.
(¬2) المدونة: 1/ 167/ 8 من طبعة الفكر، وليست "ثلاثاً" الأولى في طبعة صادر: 1/ 185.
(¬3) قال عليه السلام لمن غسلن ابنته: اغسلنها ثلاثاً أو خمساً ... رواه البخاري في الجنائز باب غسل الميت ووضوئه بالماء والسدر ... ومسلم في الجنائز باب غسل الميت، عن أم عطية الأنصارية.
(¬4) المدونة: 1/ 185/ 10.
(¬5) المدونة: 1/ 184/ 2.
(¬6) هذا تفسير اللخمي في التبصرة: 2/ 4 أونقله المازري في شرح التلقين: 3/ 1120 عن بعض أشياخه واللخمي منهم.
(¬7) كذا في كل النسخ غير ق ول ففيهما: السوءتان، وكذا أصلحه ناسخ ز وذكر أن المؤلف نصبه. وهو سبق قلم.
(¬8) وهو قول ابن حبيب في التبصرة: 2/ 4 أوالمنتقى: 2/ 2.
(¬9) المدونة: 1/ 184/ 1.
(¬10) المدونة: 1/ 185/ 10.
(¬11) هذا ما في طبعة دار الفكر: 1/ 167/ 12.
(¬12) وهو ما في طبعة صادر.

الصفحة 286