كتاب التنبيهات المستنبطة على الكتب المدونة والمختلطة (اسم الجزء: 1)
وتعظم، ولا تجعل جثى (¬1) كما كانت قبور الجاهلية ثم تسنم، فجمع بين الأحاديث (¬2).
وخرج (¬3) أيضاً الخلاف في البناء عليها وإجازته في بناء القبر من هذه الرواية (¬4).
وذلك ما لا يفهم من قول أشهب، بل معناه تكثير التراب عليه. وحجته بقبر ابن مظعون (¬5) ليس فيه دليل على أنه كان مبنياً بحجارة أو غيرها، إنما كانت قبورهم - كما روي - جُثَى تراب وكُدَى.
وأما الخلاف في بناء البيوت عليها - إذا كانت في غير أرض محبسة (¬6) وفي المواضع المباحة وفي ملك الإنسان - فأباح ذلك ابن القصار (¬7)، وقال غيره (¬8): ظاهر المذهب خلافه.
¬__________
(¬1) في ع: حتى. وفي م: حُتَى. وسقطت الكلمة من س وح. وجثى - بضم الجيم وكسرها - حجارة من تراب متجمع كالقبر أو القبر نفسه (انظر اللسان: جثا).
(¬2) كرر المصنف هذا في الإكمال: 3/ 438.
(¬3) يعني اللخمي.
(¬4) يعني قول أشهب، ونصه في التبصرة 2/ 6 ب: "تسنيم القبر أحب إلي، وإن رفع فلا بأس؛ يريد إن زِيد على التسنيم".
(¬5) قال اللخمي: "وقال خارجة بن زيد في البخاري: ورأيتُني - ونحن شببة في زمن عثمان - وإن أشدنا وقته الذي يثب قبر عثمان بن مظعون حتى يجاوزه، وهذا الذي أراده أشهب بقوله: إن رفع". وما نقله عن البخاري هو في كتاب الجنائز باب الجريد على القبر. وعثمان بن مظعون صحابي ترجمته في الإصابة: 4/ 461.
(¬6) في خ وع: أرض غير محبسة.
(¬7) عزاه عبد الحق لبعض البغداديين في النكت وصرح المازري في شرح التلقين: 3/ 1198 بعزوه لابن القصار.
(¬8) هو المازري في شرح التلقين: 3/ 1198، ومنعه اللخمي أيضاً في التبصرة: 2/ 6 ب، وانظر حول هذا "مذاهب الحكام في نوازل الأحكام" من جمع ولد المؤلف: 300 وما بعدها. وقد كان المؤلف استفتى شيخه ابن رشد في هذه المسألة ثلاثة استفتاءات وأجابه عنها، وهي في نوازل ابن رشد: 2/ 1242 - 1245.