كتاب التنبيهات المستنبطة على الكتب المدونة والمختلطة (اسم الجزء: 1)
وما له في مسألة المكره يصب الماء في حلقه (¬1): "عليه القضاء ولا كفارة عليه"، يعضد مذهب ابن شبلون. وما له في باب الكفارة في المكرهة بالوطء يعضد مذهب أبي محمَّد، وهو نص لقوله (¬2): يكفر عنها.
والتفريق بين الإكراه بالوطء والإكراه بالقبلة بأنه لا انتهاك في مسألة القبلة, لأنه لم يكن الإنزال من فعله، والإيلاج من فعله، غير بين (¬3)؛ لأن الانتهاك من الرجل فيهما حتى أنزلا في هذه أو لم ينزلا في الأخرى واحد؛ إذ لا فرق بين الانتهاك بالإنزال وبالإيلاج (¬4) منه في حق المرأة، إذ هو مسببه وفاعل موجبه، والمكرهة غير منتهكة لحرمة الشهر في المسألتين، وإنما المنتهك الرجل في نفسه بالفعلين (¬5) وفيها أيضاً. فإما أن يوجب عليه عنها فيهما أو لا يوجب عليه عنها كما قال ابن نافع (¬6) وابن عبد الحكم (¬7) وسحنون (¬8)، وهو قول مالك في "المدنية" (¬9).
وقد قال مالك في التي جومعت نائمة (¬10): "لا كفارة عليها"، وفي الذي صب الماء في حلقه (¬11): "لا كفارة عليه". ولم يجعل في الباب كله كفارة عنه على الفاعل؛ إذ لا فرق بين هتكه في المكره بالجماع أو صب
¬__________
(¬1) المدونة: 1/ 209/ 3.
(¬2) المدونة: 1/ 218/ 7.
(¬3) ممن فرق بينهما بهذا الفرق أبو عمران وابن شبلون كما في تهذيب الطالب: 1/ 93 أ.
(¬4) في س وع وح: أو بالإيلاج.
(¬5) في ق: بنفسه في الفعلين. ولعله أقرب.
(¬6) ذكره له في التوضيح: 1/ 204 رواية عن مالك.
(¬7) قوله في النوادر: 2/ 39.
(¬8) في النوادر: 2/ 39.
(¬9) في ق وع وح وس: وهو مذهب مالك في المدونة، وكذا في الرهوني: 2/ 362، والصواب "المدنية"، وهو كتاب عبد الرحمن بن دينار - أخي عيسى بن دينار - المتوفى: 201، اختصر هذه الكتب سليمان بن بيطر الكلبي (انظر أخبار الفقهاء والمحدثين: 239 وابن الفرضي: 1/ 438 والمدارك: 4/ 106، 105، 8/ 15).
(¬10) المدونة: 1/ 210/ 7.
(¬11) المدونة: 1/ 210/ 5.