كتاب التنبيهات المستنبطة على الكتب المدونة والمختلطة (اسم الجزء: 1)

الاستنثار تحريك النثرة وهي طرف الأنف وبه سمي هذا. وكأن القاضي أبا محمَّد بن نصر (¬1) نحا لمذهب ابن قتيبة، لأنه في ("تلقينه") (¬2) عد في السنن الاستنشاق ولم يذكر الاستنثار، كأنه رآهما سنة واحدة (¬3)، وأن الاستنثار بحكم التبع والأمر الضروري الذي لا يقصد في نفسه؛ إذ لا بد/ [ز 2] من طرح الماء من الأنف ضرورة. كما لم يعد مج الماء من الفم في المضمضة من أحكام الوضوء ولا هو مقصود في نفسه، بل مجه بحكم الضرورة (¬4)، وقد يبتلع، وما في الأنف أشد ضرورة؛ إذ لا يتمكن (¬5) إمساكه، بل يسترسل بنفسه. لكن عامة شيوخنا وسائر العلماء عدوه في السنن (¬6). والآثار تعضده (¬7)؛ فقد ذكرا (فيهما) (¬8) معاً، ومرة ذكر أحدهما دون الآخر. وقد حد مالك أن يجعل يده على أنفه (¬9)؛ إذ هو أبلغ في نثر ما تعلق بالماء مما
¬__________
(¬1) عبد الوهاب بن علي بن نصر القاضي، أخذ عن الأبهري وكبار أصحابه كابن القصار وابن الجلاب، ودرس الفقه والأصول على الباقلاني وصحِبه. من أوضاعه: التلقين، وشرحه - ولم يتم - وشرح الرسالة، والممهد في شرح مختصر أبي محمَّد (ابن أبي زيد) بلغ نصفه، وشرح المدونة - ولم يتمه - والمعونة، والإشراف، وغيرها. توفي 422 (انظر المدارك: 7/ 221 - 222).
(¬2) سقط من خ.
(¬3) انظر التلقين، ص: 13. كما لم يذكرهما في المعونة: 1/ 122، وفي الإكمال للمؤلف: 2/ 30: وقد عدهما بعض شيوخنا سنة واحدة.
(¬4) الذي في التلقين صفحة 13: "وأما تطهير داخل الفم فإنه سنة، وهو المضمضة، وصفتها أن يوصل الماء إلى فيه ثم يخضخضه ويمجه".
(¬5) في ق: يمكن.
(¬6) روى ابن وهب عن مالك في "المجموعة" في الذي يستنثر من غير أن يضع يده على أنفه أنه أنكره، وقال: هكذا يفعل الحمار. (المنتقى: 1/ 40). وأنكر مالك ترك الاستنثار أيضاً في سماع ابن القاسم في العتبية، وقال ابن رشد: لأن ذلك هو السنة. (البيان: 1/ 92).
(¬7) يقصد الأحاديث التي نص فيها على الاستنشاق والاستنثار معاً، وقد أوردها المؤلف في (إكمال المعلم) 2/ 30.
(¬8) يبدو أنها هكذا في خ وفي ل: فيها، وسقطت من ق وع. ولعل الراجح: فيها، يعني الآثار.
(¬9) كما في رواية ابن وهب في المجموعة الآنفة الذكر. وفي العتبية: "أيستنثر الرجل من =

الصفحة 31