كتاب التنبيهات المستنبطة على الكتب المدونة والمختلطة (اسم الجزء: 1)

فكيف يلزم شيئاً ينص على أنه لا يراه ولا يفعله؟
وقد اختلف في معنى ما وقع في الآثار (¬1) من قيام عمر وغيره من قولهم: يوترون منها بثلاث، على مذهب من يرى الوتر واحدة من المالكيين والشافعيين، لا سيما بعد التنفل وقيام رمضان؛ فقيل: لعل هذا فعلوه للخلاف في مسألة الوتر، وليوتى (¬2) بالأكمل. وقيل: لعله لمن ينصرف إلى منزله فيشفع قبل وتره. والأصح في هذا كله/ [خ 93] أن السلف كانوا يوترون بواحدة وبثلاث. وفي "صحيح البخاري" (¬3): "قال القاسم (¬4): رأينا/ [ز 63] أناساً منذ أدركنا يوترون بثلاث، وإن كلاًّ لواسع". وذكر ابن حبيب أن سبب ترك الفصل والسلام منها أن الأمراء رأوا نقصان (¬5) الناس عند تمام كل شفع فحرسوا (¬6) عليهم وترهم بأن وصلوه بآخر شفع لئلا ينقص (¬7) من حضره فيفوتهم. وذكر يحيى بن إسحاق في كتابه عن ابن نافع: لا بأس أن يوتر الرجل بركعة واحدة ليس قبلها شيء، فإن أوتر وصلى شفعاً قبل وتره فلا أرى أن يسلم منه ولا يفصله وليُصَلِّه ثلاث ركعات لا يسلم (¬8) بينهن، قال: وكذلك جاء عن الأئمة من أهل العلم وفعله عمر بن عبد العزيز في إمرته على المدينة والسبعةُ الفقهاء بها (¬9).
¬__________
(¬1) المدونة: 1/ 222، 223.
(¬2) في م وس: وليوتر.
(¬3) في كتاب الوتر، باب ما جاء في الوتر.
(¬4) في خ وق وع: ابن القاسم، وفي س: البخاري، والصحيح: القاسم، وهو ابن محمَّد بن أبي بكر.
(¬5) كذا في ز ول، وفي خ وق وع: انفضاض. والمعنى متقارب.
(¬6) ضبب ناسخ ز على الكلمة وأعاد كتابتها والتضبيب عليها في الطرة وكتب فوقها: مضبب ..
(¬7) في خ وق وع: ينفض.
(¬8) كذا في ز وخ، ومرض عليه في ز وكتب بالحاشية: تسليم وصحح عليه، وهو ما في ق وع وس. وكلا اللفظين ممكن.
(¬9) نقل الباجي بعض هذا عن ابن نافع في المنتقى: 1/ 223، وذكره ابن عبد البر في الاستذكار: 5/ 283 عن عمر بن عبد العزيز. =

الصفحة 343