كتاب التنبيهات المستنبطة على الكتب المدونة والمختلطة (اسم الجزء: 1)

وقوله (¬1) في الخشاش: لا يفسد الطعام ولا الشراب ولا الماء إذا وقع فيه. ظاهر الكتاب عموم القول في المسألة، وقد تنوزع في ذلك. ولا إشكال أنه إذا لم يتقطع وتتفرق أجزاؤه، أو يطل (¬2) مكثه بطهارة ذلك كله وأكل الطعام، كما أنه/ [ز 3] لا خلاف إذا تغير الماء منه، أو تفرق فيه وغلب عليه أن له حكم المضاف؛ لا يستعمل في تطهير. وهل هو نجس أم لا؟ اختلف فيه (¬3)، ومذهب أشهب (¬4) تنجيسه ما خالطه بطبخ أو شبهه. وأنكره عليه سحنون.
والصواب: ألا ينجس ما لا نفس له سائلة كيف كان (¬5).
وأما أكل الطعام إذا تحلل فيه أو طبخ فيه فاختلف فيه أيضاً.
والصواب ألا يؤكل إذا كان مختلطاً به وغالباً عليه. وإن يتميز الطعام منه أكل الطعام دونه؛ إذ لا يؤكل الخشاش على الصحيح من المذهب إلا بذكاة (¬6)، وإن كان بعض المشايخ (¬7) خرج أكله بغير ذكاة على الخلاف في الجراد (¬8). وإليه ذهب القاضي أبو محمَّد عبد الوهاب (¬9) .................
¬__________
(¬1) المدونة: 1/ 5/ 1.
(¬2) كذا في النسخ. وفي التقييد: 1/ 10: يطول.
(¬3) فصل الخطاب في طريقتين معروفتين في المذهب في هذه المسألة الخلافية (المواهب: 1/ 87).
(¬4) أشهب بن عبد العزيز بن داود القيسي، روى عن مالك والليث، وعنه الحارث بن مسكين وسعيد بن حسان وسحنون وبنو عبد الحكم. كان فقيهاً نبيلاً حسن النظر، من المالكيين المحققين، توفي 204 (انظر المدارك: 3/ 262 - 263).
(¬5) نقل عبد الحق هذا عن "أحكام القرآن" لابن خويز منداد، انظر: تهذيب الطالب: 1/ 7 ب.
(¬6) هذا ما صححه عبد الحق في التهذيب: 1/ 7 ب.
(¬7) عزا عبد الحق هذا لابن خويز منداد في التهذيب: 1/ 7 ب.
(¬8) قال ابن يونس: المسألة مبنية على قوله في الجراد؛ قال مرة: لا يؤكل إذا مات حتف أنفه. وقال مرة: يؤكل. وهو ظاهر مذهبه. (الجامع: 1/ 13).
(¬9) لم أجد له هذا لا في المعونة ولا في التلقين ولا في "الإشراف"، ونقله عنه اللخمي في التبصرة: 1/ 6 أ، ثم عقب: "فعلى هذا يستعمل الماء ويؤكل الطعام وإن مكث ذلك فيه وتفرقت أجزاؤه وتغير الطعام". =

الصفحة 36