كتاب التنبيهات المستنبطة على الكتب المدونة والمختلطة (اسم الجزء: 1)

الوجوه الثلاثة للتجارة: اكتراء الأرض واشتراء الحب والزراعة، فلا خلاف أنه يزكي الحب على التجارة. ولم يبلغ قائل هذا قول أشهب. وقال فيها ابن القاسم في "المجموعة": "يزكي الحب إذا قبضه، نحو جواب "المدونة"، إلا أن تكون الأرض له أو زرعها في أرض الكراء لقوته، ولو كان مديرا قومه لحول من يوم زكاه حباً" (¬1). وذكر ابن حبيب هذا عن مالك وقال: رواه عنه ابن القاسم وغيره، ورأيت أصبغ بها معجباً.
وأبو عمرو بن حِماس (¬2) عن أبيه، حماس بكسر الحاء المهملة وتخفيف الميم، وآخره سين مهملة (¬3).
وقوله (¬4): "يبيع الجلود والقرون"، هي جعاب السهام، واحدها قرَن، بفتح الراء، تصنع من الجلود (¬5)، وليست بقرون البهائم. وفي "الواضحة": الأقران، ورواها (¬6) أصحاب الغريب: أقرُنٌ (¬7)، وكلها جمع صحيح لما قلناه.
وظاهر "المدونة" أن المدير يزكي جميع ديونه من قرض أو غيره (¬8)، على هذا حمل المسألة شيخنا القاضي أبو الوليد (¬9). وقال القاضي الباجي (¬10): إنه لا خلاف في القرض أنه لا يزكى. وخرج اللخمي (¬11) فيه خلافاً.
¬__________
(¬1) نقله في النوادر: 2/ 134.
(¬2) المدونة: 1/ 255/ 4 - . هو ابن عمر الليثي، روى عن أبيه، توفي 139، انظر التهذيب: 12/ 197.
(¬3) انظر ترجمته في التاريخ الكبير: 1/ 130.
(¬4) المدونة: 1/ 255/ 4.
(¬5) في العين: قرن: وهو جعبة من جلد تشق وتجعل فيها السهام.
(¬6) في خ: رواها. وهذا ضعيف.
(¬7) انظر غريب ابن قتيبة: 2/ 55 والفائق: 3/ 179 والنهاية: 4/ 55.
(¬8) المدونة: 1/ 254/ 4.
(¬9) في المقدمات: 1/ 304.
(¬10) في المنتقى: 2/ 125.
(¬11) في التبصرة: 2/ 29 أ.

الصفحة 375