كتاب التنبيهات المستنبطة على الكتب المدونة والمختلطة (اسم الجزء: 1)

ضمانه منها. استدل بعضهم على أنه لا عهدة عند مالك فيما يقبض من العبيد في الصدُقات. وقال ابن لبابة: يحتمل أن الموت بعد العهدة. وقد روى أشهب أن فيه العهدة.
وقول ابن شهاب (¬1): "أول من أخذ من الأعطية الزكاة معاوية بن أبي سفيان" (¬2)، يعني زكاة الأعطية نفسها لا زكاة غيرها، فقد ذكر عن أبي بكر وعمر أنه كان يأخذ (¬3) من أعطيات الناس ما وجب عليهم (¬4) من زكاة أموالهم (¬5). قال سحنون: كان معاوية يرى أن الزكاة فيها واجبة كدين ثابت. قال أبو عمران: ويحتمل أن مذهبه مذهب ابن عباس (¬6) في الزكاة في الفوائد وإن لم يحل عليها الحول.
وقوله (¬7): "لا يرصدون الثمار في الدين"، أي لا يعدونها ويرتقبونها للدين فيسقطون منها الزكاة من أجله، بل يزكيها من وجبت عليه وإن كان عليه/ [خ 104] دين، بخلاف العين الذي يرصد له ويحسب فيه.
والرصد والإرصاد: الترقب والإعداد. وقيل: رصدت: ترقبت، وأرصدت: أعددت. وقيل: رصدت في الخير، وأرصدت في الشر. وقيل (¬8): يقالا (¬9) فيهما جميعاً؛ قال الله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ (14)} (¬10).
¬__________
(¬1) المدونة: 1/ 272/ 6.
(¬2) انظر ترجمة معاوية في الإصابة: 6/ 151.
(¬3) كذا في خ وز وع، وصحح عليه في خ، وأشار في الحاشية إلى أن في نسخة أخرى: إنهما كانا يأخذان، وهو ما في ق وس. وهو المتناسب.
(¬4) كذا في ز ول، وفي خ: وجبت عليه، وصحح على "عليه"، وأشار في الحاشية إلى أن في نسخة أخرى: "عليهم"، وفي ق: وجبت عليهم. والظاهر: وجب عليهم.
(¬5) ذكره ابن حبيب في تهذيب الطالب: 2/ 10 ب، والمنتقى: 2/ 95، وهو فعل أبي بكر وعثمان كما في الموطإ: في الزكاة باب الزكاة في العين من الذهب والورق.
(¬6) انظر مصنف ابن أبي شيبة: 3/ 16، والاستذكار: 9/ 32.
(¬7) المدونة: 1/ 274/ 1.
(¬8) نقل المؤلف هذا عن صاحب "الأفعال" في المشارق: 1/ 293، وانظر اللسان: رصد.
(¬9) كذا في خ وأصل ز، وأصلحت في ز: يقالان، وهو الذي في ق، وفي ع مكانها: هؤلاء، ولعله تصحيف، والصحيح: يقالان.
(¬10) الفجر: 14.

الصفحة 379