كتاب التنبيهات المستنبطة على الكتب المدونة والمختلطة (اسم الجزء: 2)

وإذا نظرت لما فسرناه وقررناه ارتفع عنك الإشكال واضطراب/ [خ 118] الأقوال، وعلمت موضع الخلاف في الوجوب والاستحباب وأسبابهما، والله الموفق للصواب.
ووقع (¬1) في بعض النسخ بعد مسألة: إذا انشق الفجر يوم الفطر فمات بعده من ألزم الرجل نفقته أن عليه صدقة الفطر، قال سحنون: وأكثر الرواة لا يرون عليه صدقة - ولم أروها ولا هي عند شيوخنا - ولا تصح، وإن ثبتت في رواية فمعناها عندي أنها راجعة لمسألة من مات عبده قبل انشقاق الفجر. وعليه تصح، فإن مطرفاً وعبد الملك وابن القاسم وابن مسلمة يقولان (¬2): لا شيء عليه. وذكر ابن مسلمة أنه مذهب مالك. وهي على القولين المتقدمين. وقد ذكر أبو عمران قول سحنون هذا على نحو ما تأولناه فقال: قال سحنون: وأكثر الرواة يقولون في الذي يموت قبل الفجر: إنه لا فطرة عليه (¬3).
وقوله في مسألة العبد يجني جناية فيها نفسه: إن صدقة الفطر على سيده (¬4). ذهب بعض المشايخ إلى أنها معارضة لقوله في مسألة من له عبد وعليه عبد مثله: إنه لا زكاة عليه للفطر، ومثل قول الغير هناك (¬5) وقول سحنون (¬6) لأنه بمنزلة الحب والتمر لا يُسقط زكاتَه الدينُ، ولأن نفقته عليه كما علل هنا بالنفقة.
¬__________
(¬1) أسلوب المؤلف هنا غامض، ولعل المسألة المشار إليها هي ما في المدونة: 1/ 354/ 10.
(¬2) في ق ول وع وس: يقولون. وهو الظاهر.
(¬3) بعض هذا مذكور في النوادر: 2/ 308.
(¬4) في المدونة: 1/ 352/ 9: (قلت: أرأيت العبد يجني جنابة عمدا فيها نفسه فلم يُقتل حتى مضى يوم الفطر والعبد عند سيد أعليه فيه صدقة الفطر؟).
(¬5) لم أجد قولاً لغير ابن القاسم في الطبعتين؛ طبعة دار الفكر: 1/ 271، ولعله يقصد ما في الهامش الموالي.
(¬6) في المدونة: 1/ 271/ 5 من طبعة دار الفكر، وليس قوله هذا في طبعة دار صادر، ونصه هناك: (قال سحنون: وقد قيل: إنه بمنزلة الحب والتمر وإن عليه الزكاة)، ففي المدونة نسب القول لغير سحنون خلافاً لما ذكر المؤلف.

الصفحة 428