كتاب التنبيهات المستنبطة على الكتب المدونة والمختلطة (اسم الجزء: 2)
العلماء (¬1)، وإنما اختلفوا هل هي واجبة بالقرآن من عام قوله: {وَآتُوا الزَّكَاةَ} (¬2)، وهي إحدى الروايتين (¬3) عن مالك وقوله في "المجموعة" (¬4). وقيل (¬5): بل من قوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14)} (¬6)، وهو قول عمر بن عبد العزيز وابن المسيب، وفي معنى هذه الآية خلاف بين أهل التفسير. وقيل (¬7): بل هي واجبة وفرض/ [خ 119] بإيجاب النبي - عليه السلام - وفرضه، وهي الرواية الأخرى عن مالك وقول أكثر أصحابه، وهو معنى ما رُوي عنهم أنها سنة (¬8). وأطلق هذا اللفظ قوم من أصحابنا (¬9) وتأولوا: فرض بمعنى: قدر (¬10). قال ابن القصار: هي فرض، والفرض في الشرع إذا ورد إنما هو بمعنى الواجب. ولو وقع على التقدير لم يصح أن يقع هنا إلا على الواجب لقوله - عليه السلام -: "على كل حر أو عبد" (¬11)، و"على" حرف صفة من حروف الوجوب لا التقدير، ويزيده بياناً ما خرجه الترمذي: "بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منادياً ينادي في فجاج مكة: ألا إن صدقة الفطر واجبة على كل مسلم! " (¬12).
¬__________
(¬1) إلا ما يحكى عن الأصم وابن علية أنها ليست واجبة، انظر المنتقى: 2/ 185، والمقدمات: 1/ 334.
(¬2) البقرة: 43.
(¬3) انظر الجامع: 1/ 318، وهذا القول في سماع زياد بن عبد الرحمن، كما في الاستذكار: 9/ 349، والتمهيد: 14/ 323.
(¬4) نقله عنها في التبصرة: 2/ 49 أ.
(¬5) حكى هذا القول ابن حبيب كما في النوادر: 2/ 301.
(¬6) الاعلى: 14.
(¬7) قاله أصبغ كما في الاستذكار: 9/ 350، والتمهيد: 14/ 323.
(¬8) كابن أبي زيد كما في الاستذكار: 9/ 350، والنوادر: 2/ 301، والمقدمات: 1/ 334، والجامع: 1/ 318، وفي التبصرة: 2/ 49 أقول مالك بسنيتها.
(¬9) كعبد الحق في التهذيب: 2/ 37 أ، وابن يونس في الجامع: 1/ 318.
(¬10) انظر في هذا كله التبصرة: 2/ 49 أ، والاستذكار: 9/ 351، والمنتقى: 2/ 185 وقد انتقد هذا التأويل، انظر أيضاً المقدمات: 1/ 333.
(¬11) هذا مقطع من الحديث السابق المتفق عليه.
(¬12) في كتاب الزكاة باب ما جاء في صدقة الفطر عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده،=