كتاب التنبيهات المستنبطة على الكتب المدونة والمختلطة (اسم الجزء: 2)
جعله في عمرة لم يمش ما (¬1) ركب، إذ ليس فيها خروج إلى عرفة ولا إفاضة ولا شهود المناسك المشهودة في الحج. وقد اختصرها بعض المختصرين (¬2): رجع قابلاً. جنوحاً لمعنى اللفظ الآخر حتى لا يتنافر. وقال بعضهم (¬3): قوله: يجعل مشيه الثاني إن شاء حجة وإن/ [خ 121] شاء عمرة أن معناه أن (¬4) ركوبه في غير المناسك، وكلامه الأول إنما هو فيمن ركب في المناسك.
ووقع في رواية الأندلسيين بعد المسألة (¬5): "قيل لمالك: أفترى عليه أن يهدي؟ قال: إني أحب ذلك من غير أن أوجبه عليه"، ولم يذكر هذه الرواية مختصرو القرويين كحمديس وابن أبي زيد. والرواية صحيحة معناها في العتبية وكتاب محمد (¬6).
وقوله في حديث ابن أبي حبيبة (¬7): "وأنا يومئذ حديث السن" (¬8)، في كتاب ابن حبيب وابن مزين (¬9): إنه كان بالغاً، وإنما أشار بحداثة سنه إلى أن مع ذلك في الغالب قلة العلم (¬10). وقوله: "حتى عقلت" أي عرفت ما
¬__________
(¬1) في ع وس وم: مما.
(¬2) كالبراذعي: 67.
(¬3) هو عبد الحق في النكت.
(¬4) كذا في النسخ.
(¬5) المدونة: 2/ 11/ 3 من طبعة دار الفكر، وليست في طبعة دار صادر.
(¬6) ذكره عنه في تهذيب الطالب: 2/ 89 أ.
(¬7) هو عبد الله بن أبي حبيبة، انظر ترجمته في التاريخ الكبير: 1/ 75.
(¬8) في المدونة: 2/ 78/ 11: "مالك عن عبد الله بن أبي حبيبة قال: قلت لرجل - وأنا يومئذ حديث السن -: ليس على الرجل يقول: علي المشي إلى بيت الله - ولا يسمي نذراً - شيء. فقال لي رجل: هل لك أن أعطيك هذا الجِرو - لجرو قثاء هو في يده - وتقول: علي المشي إلى بيت الله؟ فقلته. فمكثت حينا حتى عقلت فقيل لي: إن عليك مشياً، فجئت سعيد بن المسيب فسألته عن ذلك فقال: عليك مشي. فمشيت".
(¬9) وكذا في العتبية، انظر البيان: 3/ 98، والنوادر: 4/ 45.
(¬10) نص ابن حبيب رواية عن مالك كما في المنتقى: 3/ 232 هكذا: "وكان يومئذ قد بلغ الحلم، إلا أنه كان صغيراً بحدثان بلوغه"، وانظر الاستذكار: 15/ 28، والعتبية في البيان: 3/ 126.